ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
الناشر
مكتبة الإيمان
مكان النشر
المنصورة - مصر
تصانيف
«إن الدين الذي هو المرشد اللازم للإنسان والوسيلة الوحيدة لحصول الغاية الخلقية، والشرف المعنوي للحياة البشرية، كان نتيجة الانحطاط في سلطانه أن فتن العالم الغربي بمذاهب سياسية تقوم على أساس اختلاف الأجناس والطبقات وآمن - بتأثير العلوم الطبيعية- أن الرقي المادي هو الغاية العليا، والوطر الأكبر، ولا يزال يزيد هذا الأمر في مشاكل الحياة وأثقالها وتكاليفها، وكان من نتائج ذلك أيضًا أنه صعب على أوربا أن توفق بين روحها وحياتها توفيقًا ينقذها من القومية، داهية هذا العصر الكبرى (١» .
طوائف العصبية الجنسية في أوربا:
كان نتيجة انحلال النظام الديني وانتعاش النعرة القومية أولًا، أن أصبحت أوربا معسكرًا واحدًا ضد الشرق كله، وخطت خطًّا فاصلا بين الغرب والشرق أو بين أوربا وبين سواها من القارات والأقاليم، والجنس الآري وبين ما عداه من أجناس البشر، يعد أن كل ما دون هذا الخط له الفضل على كل ما وراءه من نسل وشعب وثقافة وحضارة وعلم وأدب، وأن الأول خلق ليسود ويحكم، والثاني ليخضع ويدين، والأول ليبقى ويزدهر، والثاني ليموت ويضمحل، وهذا بعينه ما امتاز به اليونان والروم في عهدهم، فقد كانوا لا يعدون مهذبين إلا أنفسهم فقط، وكانوا يسمون كل شيء غريبًا، خصوصًا كل ما كان واقعًا في شرق المحيط الأطلانتيكي - بربريًا.
وكان نتيجة هذه النفسية الجنسية والعصبية ضد كل ما جاء من الخارج ويعزى إلى أجنبي، أن صار بعض الشعوب الأوروبية ينظر إلى الدين المسيحي وإلى المسيح كطارئ ونزيل يريدون أن ينفوه من بلادهم ويتبرأوا منه، يمثل ذلك ما قال أحد المعلمين في ألمانية وهو البروفسور أترني:
«لأي شيء يدرس أولادنا تاريخ أمة أجنبية، ولماذا يقص عليهم قصص إبراهيم وإسحق؟ ينبغي أن يكون إلهنا أيضًا ألمانيًاَ» .
(١) Convocation Adress of Lord Lothian at Muslim University Aligarh.
1 / 175