فأما غانم فهو أبو المقالات الرنانة في جريدة مشورت الفرنساوية وغيرها، جاهد جهاد لا وان ولا متخاذل، واشتدت وطأته على الظالمين فطلبوه بكل حيلة وحاربوه بكل شر، فما فتنوا له لبا ولا زعزعوا له جأشا.
وأما محمد قدري فقد كان يكتب في «المقطم» جريدة العثمانيين، ويذيل مقالاته بإمضاء «محمد قدري العثماني»، ثم كتب في جريدة «قانون أساسي» التركية، وجريدة «القانون الأساسي» العربية؛ وهو صاحب الكتاب التركي المشهور الذي سماه «استنصاف». حاول عبد الحميد إرجاعه إلى الآستانة أو إسكاته فأعياه ذلك. وقد قال بطل الحرية «نيازي» في «خواطره» التي نقلها إلى العربية مؤلف هذا الكتاب. إن كتاب «استنصاف» وغيره من كتب الأحرار فتحت قلبه وشددت عزيمته لخلاص وطنه.
ولقد ظهرت جرائد كثيرة في أوروبا ومصر وأمريكا، واتحدت كلها في الحملة على حكومة الاستبداد والمطالبة بما للأمة من حق مهضوم. وأسس هذه الجرائد واشتغل بتحبيرها وإفاضة الحكم فيها جماعة من نجباء العثمانيين وأولي الرأي والمنزلة الرفيعة بين فضلائهم؛ فمنها التي دامت على ولائها للحق وواصلت جهادها في سبيل الحرية، غير مستضعفة في كفاح ولا محجمة في مزدحم، ومنها التي انقطعت عنها وسائل البقاء فسكتت وتركت صيحاتها ترن في آذان الدهور.
وإني لذاكر في هذا الفصل كل جريدة لم أنس مبلغ جهادها، وتارك ما لا أذكر وقائعها، وأرجو ألا يحسب ذلك مني سوى زلة زللتها غير مختار. وهذه الجرائد هي:
مشورت (التركية والفرنساوية):
صدرتا في باريس ثم صدرتا في جنيف، أنشأهما أحمد رضا رئيس مجلس المبعوثان الآن.
المشير (العربية):
أنشأها بالقاهرة واختص بتحريرها صاحبها صديقي القديم سليم سركيس.
عثمانلي:
أنشأها في «جنيف» صديقي الدكتور عبد الله جودت، واشترك في تحريرها مع المرحوم إسحاق سكوتي ونوري أحمد وطونه لي حلمي.
صفحة غير معروفة