35

لأنا نقول: لا نسلم اشتغال الذمة مطلقا، لأن الأصل دال على خلوها، فلا تشتغل الا مع قيام الدليل، وقد ثبت اشتغالها بالأقل، فلا يثبت اشتغالها بالأكثر، [والاشتغال بالأكثر] مغاير للاشتغال المجرد، ومغاير للاشتغال بالأقل فيكون الاشتغال بالأكثر والاشتغال المطلق منفيا بالأصل.

لا يقال: فان لم يثبت دلالة على الأكثر، فإنه من الممكن أن يكون هناك دليل، ولا يلزم من عدم الظفر به عدمه، فكان العمل بالأكثر أحوط.

لأنا نقول: ذلك الدليل المحتمل لا يعارض الأصل، لأنا قد بينا أن مع تقدير عدم الدلالة الشرعية يجب العمل بالبراءة الأصلية، وذلك يرفع ما أومأ [نا] إليه من الاحتمال.

المسألة الثانية: إذا اختلفت (الأمة) (1) على قولين، هل يجب الأخذ بأخفهما حكما بتقدير عدم الدلالة على كل واحد منهما

-؟ صار إلى ذلك قوم وقال آخرون: بالأثقل، والكل باطل.

واحتج الأولون: بالنقل والعقل.

أما النقل: فقوله تعالى «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» (2) وقوله «ما جعل عليكم في الدين من حرج» (3) وقوله (عليه السلام): «لا ضرر في الإسلام» وقوله: «بعثت بالحنيفية السهلة السمحة».

[و] أما العقل: فلان احتمال الأخف مساو لاحتمال الأثقل في عدم الدلالة والأخذ (بالأثقل) (4) احتياط لحق الله سبحانه، وهو غني لا يتضرر، وبالأقل

صفحة ٢١٤