معارج الأنوار في سيرة النبي المختار (( نونية الصرصري ))

يحي بن يوسف الصرصري ت. 656 هجري

معارج الأنوار في سيرة النبي المختار (( نونية الصرصري ))

[نونية الصرصري]

معارج الأنوار في سيرة النبي المختار

للشيخ أبي زكريا يحي بن يوسف الصرصري (ت 656ه)

1

سبحان ذي الجبروت والبرهان

والعز والملكوت والسلطان

2

والحمد لله الكريم الرازق ال

خلاق متقن صنعة الإنسان

3

والله أكبر لا إله سواه لي

سبحانه هو للصواب هداني

4

أصبحت أنظم مدح أكرم مرسل

لهجا به في رائق الأوزان

5

وتخذته لي جنة ومعونة

فيما أروم فصانني وكفاني

6

حبرت فيه قصيدة أودعتها

من مسند الأخبار حسن معاني

7

في وصفه من بدء تشريفاته

حتى الختام بحسن نظم معاني

8

ولمدحه أولى وأجدر أن يرى

فيه الهدى ويعان فيه معاني

9

لما بنى الله السماوات العلى

سبعا تعالى الله أكرم باني

10

فسمت وزانتها بحكمة صنعه

زهر النجوم وزانها القمران

11

والأرض سبعا مدها فتذللت

وتزينت ببدائع الألوان

12

ورست عليها الشامخات بإذنه

فحمت جوانبها من الميدان

13

وأتم خلق العرش خلقا باهرا

فغدا من الإجلال ذا رجفان

14

كتب الإله اسم النبي محمد

فوق القوائم منه والأركان

15

فسرى السكون به وقد كتب اسمه

في جنة المأوى على الأغصان

16

وخيامها وقبابها وعلى مصا

ريع القصور تفضل المنان

17

فلذاك آدم حين تاب دعا به

متوسلا فأجيب بالغفران

18

لولاه لم يخلق أبونا آدم

وجحيم نار أو نعيم جنان

19

قد كان آدم طينة ومحمد

يدعى نبيا عند ذي الإحسان

20

من فضة بيضاء طينة أحمد

من تربة أضحت أعز مكان

21

صفحة ١

عجنت من التسنيم بالماء الذي زادت به شرفا على الأبدان

22

غمست بأنهار النعيم فطهرت

وتعطرت وسمت على الأكوان

23

وغدت يطاف بها السموات العلى

والأرض تشريفا على الأكوان

24

أنواره كانت بجبهة آدم

لا تختفي عمن له عينان

25

وبجبهة الزهراء حوا أشرقت

للحمل بالمبعوث بالفرقان

26

ومن الكرامة للمشفع أنها

في كل بطن جاءها ولدان

27

وأتت بشيث وحده متفردا

ليبين فضل الواضح البرهان

28

وبصلب آدم كان وقت هبوطه

وبصلب نوح وهو في الطوفان

29

وبصلب إبراهيم حين رمى به

في ناره أشقى بني كنعان

30

وعلى سفاح ما التقى يوما من ال

أيام من آبائه أبوان

31

من كل صلب طاهر أفضى إلى

أحشاء طاهرة الإزار حصان

32

أخذت من الرسل الكرام لنصره

إن أدركوه مواثق الإيمان

33

وكذاك في الكتب القديمة وصفه

يتلى على الأحبار والرهبان

34

عيناه فيها حمرة متقلد

بالسيف لا يرتاع للأقران

35

يعفو ويصفح لا يجازي من أتى

بإساءة ناء من العدوان

36

لا بالغليظ الفظ والسخاب في ال

أسواق إذ يتشاجر الخصمان

37

حرز لأميين من مسخ ومن

خسف ومن حصب ومن طوفان

38

لا ينتهي حتى يقيم الملة ال

عوجاء بالتوحيد والتبيان

39

يشفي القلوب الغلف والآذان من

صمم ويفتح أعين العميان

40

في مجمع الكتفين منه شامة

هي للنبوة فيه كالعنوان

41

وبمكة الفيحاء مولده فقد

فاقت لذلك سائر البلدان

42

منها مهاجره إلى أرض بها

نخل كثير زين بالقنوان

43

صفحة ٢

هي يثرب هي طيبة هي داره حظيت بمجد شامخ البنيان

44

وعلى بلاد الشام يظهر ملكه

فيذل قهرا عصبة الصلبان

45

واستعلن الحق المبين بنوره

بين الجبال الشم من فاران

46

ما من نبي مجتبى إلا له

يوم المعاد إذا أتى نوران

47

ويجيء تابعه بنور واحد

ولأحمد الداعي إلى الإيمان

48

في كل جزء منه نور والذي

يتلوه ذو نورين يبتدران

49

ولنعت شعيا للنبي محمد

ولنعت حزقيل كذاك أتاني

50

وصفات أمته كذلك بينت

فيها لقلب العالم الروحاني

51

غر لآثار الوضوء عليهم

نور مضيء ساطع اللمعان

52

والحمد لله العظيم شعارهم

في البؤس والأفراح والأحزان

53

وإذا علوا شرفا كبيرا كبروا

أصواتهم كالنحل بالقرآن

54

فيهم صلاة مرة لو أنها

كانت لعاد لم تصب بهوان

55

وهم رعاة الشمس والقمر الذي

تطوى منازله على حسبان

56

وهم الذين يقاتلون عصابة ال

دجال ذي التضليل والبهتان

57

لما رأى موسى الكليم صفاتهم

وعطاءهم من عزة وصيان

58

سأل اللحوق بهم وتلك فضيلة

خلصت لأمته بكل أوان

59

كانت يهود به على أعدائها

يستفتحون بسالف الأزمان

60

وبوصفهم أضحى المتوج تبع

بالمصطفى العربي ذا إيمان

61

لكنهم حسدوه بغيا واعتدوا

كعدوهم في السبت بالحيتان

62

هو أحمد الهادي البشير محمد

قتال أهل الشرك والطغيان

63

هو شاهد متوكل هو منذر

ومبشر الأبرار بالرضوان

64

هو فاتح هو خاتم هو حاشر

هو عاقب هو شافع للجاني

65

صفحة ٣

قثم ضحوك سيد ماح محا بالنور ظلمة عابدي الأوثان

66

وهو المقفى والأمين المصطفى ال

أمي أكرم مرسل ببيان

67

وهو الذي يدعى نبي ملاحم

ومراحم ومثاب ذي عصيان

68

وهو ابن عبد الله صفوة شيبة ال

حمد بن هاشم الذبيح الثاني

69

أصل الديات فداؤه من ذبحه ال

منذور إذ هو عاشر الإخوان

70

والأبيض البض المعظم جده

شيخ الأباطح سيد الحمسان

71

لما اصطفى الله الخليل وزاده

شرفا ونجاه من النيران

72

اختار إسماعيل من أولاده

وبني كنانة من بني عدنان

73

ثم اصطفى منهم قريشا واصطفى

أبناء هاشم الفتى المطعان

74

ثم اصطفى خير الأنام محمدا

من هاشم فسمت على قحطان

75

وأبان كعب جده في خطبة

بعروبة في سائر الإخوان

76

فضل النبي وود أن يبقى إلى

أيامه لقتال ذي شنآن

77

ولقد بدت أنواره بجبين عب

د الله ظاهرة لذي عرفان

78

وبدت لآمنة الحصان لحملها

بأخف حمل راجح الميزان

79

حتى بدت أنواره في وضعها

فرأت قصور الشام رؤية داني

80

ولدته عام الفيل يوم اثنين فاح

تاز الفخار بفضله الاثنان

81

بربيع الأدنى بثاني عشرة

ويوافق العشرين من نيسان

82

وتحدثت بولاده الأحبار وال

رهبان والواعي من الكهان

83

خمدت له نار المجوس وزلزلت

مع الانشقاق جوانب الإيوان

84

ورأى أنوشروان رؤيا روعت

منه الفؤاد فظل ذا رجفان

85

فمضى الرسول إلى سطيح سائلا

فأتى الجواب إلى أنوشروان

86

أن سوف يظهر أمر دين محمد

حتى يزيل الملك من ساسان

87

صفحة ٤

سعدت حليمة ظئره برضاعه وحوى الفخار رضيعه بلبان

88

ورأت به البركات منذ غدت به

وأتانها في الركب خير أتان

89

وغدت تدر لها الشياه العجف في ال

زمن المحيل وأقبل الثديان

90

فأتت إليه وأسلمت وحليلها

فتبوآ للرشد دار أمان

91

ولأربع من عمره لما غدا

مع صبية أترابه الرعيان

92

شرح الملائك صدره واستخرجوا

منه نصيب الداحض الشيطان

93

ولقد تطهر بعد عشر صدره

من كل ما غل بشرح ثان

94

ملأوه إيمانا وحلما وافرا

وسكينة مع رأفة وحنان

95

ووقته من لفح الهجير غمامة

وهو ابن عشر أجمل الغلمان

96

يغدو كحيلا داهنا وقرينه

شعث الغدائر رمص الأجفان

97

ومضت لست أمه وتكفل ال

جد الشفيق له بحسن حضان

98

وأتى به وهو ابن سبع عمه

وقد اشتكى رمدا إلى ديراني

99

فأبى النزول فزلزلت جدرانه

فارتاع عند تزلزل الجدران

100

فانحط حينئذ وأخبر جده

بنبوة الولد العظيم الشان

101

وبجده استسقى الغمائم جده

فتبجست بالوابل الهتان

102

ولقد ترحل جده لهنائه

سيف بن ذي يزن إلى غمدان

103

فحباه سيف عندها ببشارة

تعلو الهناء بمقتل السودان

104

أفضى إليه بسره في أحمد ال

هادي البشير وكان ذا خبران

105

وتكفل العم الشفيق بأمره

لما غدا متكملا لثمان

106

ورأى عظيم الخير من بركاته

هو والعيال إذا أتوا بخوان

107

وشكا إليه عمه ظمأ به

في موضع خال من الغدارن

108

فسقاه إذ ركض التراب برجله

صفحة ٥

ماء يروي غلة الظمآن 109

ومضى به نحو الشآم مسافرا

وهو ابن عشر بعدها ثنتان

110

ورأى بحيراء الغمام لظله

في الحر عند توقد الصوان

111

ورأى الظلال تميد أنى مال من

شجر هناك ظليله الأفنان

112

وجرى له في بضع عشرة حجة

نبأ يسر فؤاد ذي إيقان

113

إذ كان سافر مع زبير عمه

فرأى بعيرا صائلا بجنان

114

فمضى إليه فحين عاين عزه

أهوى ذليلا ضاربا بجران

115

فعلاه ممتطيا فأذعن بعدما

قد كان غير مذلل مذعان

116

وكذاك عند رجوعهم من شأنهم

مروا بواد مفعم ملآن

117

فغدا أمامهم فغادر ماؤه

يبسا طريقا ذل للركبان

118

وأغذ في خمس وعشرين السرى

نحو الشآم بمتجر لرزان

119

فرآه نسطور فأخبر أنه

أزكى نبي خاتم الأعيان

120

ورآه ميسرة الغلام رفيقه

ومن الهجير يظله ملكان

121

وكذا خديجة أبصرت فتزوجت

رغبا به من خبرة وعيان

122

جادت عليه بنفسها وبمالها

فسمت به شرفا على النسوان

123

وبنت قريش البيت حين تهدمت

بالسيل منه قواعد الحيطان

124

واشتد في الحجر الكريم نزاعهم

من منهم للرفع منه يعان

125

ثم ارتضوا فيه بأول داخل

فأتى الأمين الطيب الأردان

126

وهو ابن خمس مع ثلاثين احتوى

حزم الكهول وقوة الشبان

127

واختص في وضع الإزار بحكمة

بالرفع دونهم ودون البان

128

كان التعبد دأبه لله من

قبل النبوة ليس عنه بوان

129

يأتي حراء للتعبد هاجر ال

أصنام هجر المبغض الغضبان

130

صفحة ٦

وكذاك كان إذا رأى الرؤيا انجلت كالصبح واضحة على برهان

131

وأتت عليه أربعون فأشرقت

شمس النبوة منه في رمضان

132

في سبع عشرة ليلة في يوم الاث

نين المخصص منه بالرجحان

133

لم يبق من حجر ولا مدر ولا

شجر ولا جبل ولا كثبان

134

إلا وناداه السلام عليك بال

لفظ الفصيح كناطق بلسان

135

رمت الشياطين الرجوم لبعثه

وتنكس الأصنام للأذقان

136

والجن تهتف في الظلام بسجعها

بنبوة المبعوث بالخيران

137

وأتاه جبريل الأمين معلما

من عند رب منعم منان

138

فحص التراب له فأنبع ماؤه

فأراه كيف وضوء ذي قربان

139

وأتاه بالسبع المثاني فانثنى

جذلا بسبع في الصلاة مثاني

140

وأتاه يأمره لينذر قومه

طرا ويبدأ بالقريب الداني

141

فدعا إلى الرحمن جل ثناؤه

ونهى عن الإشراك والكفران

142

ورمى الربا والخمر والأنصاب وال

أزلام والفحشاء بالبطلان

143

وأتى بدين مستقيم واضح

ظهرت شريعته على الأديان

144

فهدى قبائله فلم يتقبلوا

بل قابلوا المعروف بالنكران

145

ما زال ينذر قومه في منعة

حتى ثوى العم الشفيق الحاني

146

ومضت خديجة بعده لسبيلها

مرضية فتفاقم الرزآن

147

فاشتد حينئذ عليه أذاهم

وبدا له طمع العدو الشاني

148

فأتى ثقيفا فاعتراه أذاهم

فأوى إلى ظل بقلب عان

149

وابنا ربيعة شيبة وأخوه في

علية لعنائه يريان

150

فحنتهما رحم عليه فأرسلا

بالقطف مع عداس النصراني

151

فرأى علامات النبوة فاهتدى

ولكن هما عما رأى عميان

صفحة ٧

152 وغدا على الأحياء يعرض نفسه

لبلاغ أمر مهيمن ديان

153

يأتي القبائل يستجير فلا يرى

إلا ذوي التكذيب والخذلان

154

فهناك هاجر جعفر ورفاقه ال

أخيار نحو مواطن الحبشان

155

فحنا النجاشي المنيب عليهم

كحنو والدة على ولدان

156

وأقام يعرض نفسه حتى التقى

من خزرج بالستة الشجعان

157

وأتوا ومثلهم إليه فبايعوا

في موسم العام الجديد الثاني

158

وبعامه هذا رأى في ليلة ال

معراج ما قرت به العينان

159

وازداد تطهيرا بشرح صدره

في ليلة المسرى بلا نقصان

160

أسرى من البيت الحرام به إلى

أقصى المساجد ليس بالوسنان

161

فعلا البراق وكان أشرف مركب

يطوي القفار بسرعة الطيران

162

حتى أتى البيت المقدس وارتقى

نحو السماء فجاز كل عنان

163

ما من سماء جاءها مستفتحا

إلا لقوه بتحفة وتهاني

164

ولقد رأى أبويه آدم ثم إب

راهيم فليبشر به الأبوان

165

ولقد رأى يحيى وعيسى ثم ها

رون المحبب رؤية اليقظان

166

وكذاك موسى ثم إدريس الرضي

فتباشروا كتباشر الإخوان

167

ولقد دنا كالقاب من قوسين أو

أدنى إذا ما قدر القوسان

168

كشف الحجاب وكلمه فما

أحظاه بالتقريب من إنسان

169

فرض الصلاة عليه خمسا أصلها

خمسون وهي الأجر في الحسبان

170

ثم انثنى نحو الفراش مقمصا

من ذي الجلال بأشرف القمصان

171

لكنه أضحى بمكة خائفا

-إن قال- من تكذيب ذي بهتان

172

فغدا يحدثهم بوصف المسجد ال

أقصى حديث معاين ومدان

صفحة ٨

173 ولقد دنا البيت المقدس منه بال

بطحاء ينعته بلا نسيان

174

فعموا وأبصر قوله حقا أبو

بكر بعين حقيقة الإيمان

175

فأذاع بالتصديق لم يرهب ولم

يرتب من الحق المبين بشان

176

فلذلك التصديق ساد وسمي ال

صديق وهو اسم سما بمعاني

177

وأتى على الأنصار عام ثالث

يعدون أنفسهم بخير أماني

178

فأتوه في السبعين ثمت أقبلوا

من أشرف العقبات كالغضبان

179

متتابعين فبايعوه ببيعة

عقدت بحسن السمع والآذان

180

وبعمه العباس أحكم عقدها

منهم وأتقن غاية الإتقان

181

سعدت به أوس وفازت خزرج

فحوى الفخار بنصره الحيان

182

فأولئك الأنصار حقا أحسنوا

نصر النبي بمرهف وسنان

183

فهناك آذن صحبه ليهاجروا

مستنبطين لذلك الإيذان

184

وأقام مصطبرا وعير صحبه

حينا لمر الهجر والهجران

185

ودرت قريش بالحديث فأظهرت

ما عندها من مضمر الأضعان

186

وتشاوروا في قتله أو حبسه

أو بعده ومضوا على كتمان

187

فأتاه جبريل الأمين مخبرا

بجميع ما أخفوا من الشنآن

188

وفى بمكة بضع عشرة حجة

يلقى الأذى في السر والإعلان

189

حتى أتى إذن فسار مهاجرا

نحو المدينة هجرة القطان

190

وأتى أبا بكر بحر ظهيرة

سرا فتابعه بغير توان

191

حلا بثور غاره فلقد غدا

وهما به من أشرف الغيران

192

باضت على الباب الحمامة واغتدى

يهن العناكب طامس الأكنان

193

واشتد تطلاب العداة فأجزلوا

فيه الرشا ونفائس الأثمان

صفحة ٩

194 فسرى سراقة تابعا فرآهما

وهما بظهر البيد يرتميان

195

فهوت يدا فرس الحريص بصلبة

صلد وثارت وهي ذات عثان

196

فغدا على علم يعمي عنهما

إذ كان أيقن غاية الإيقان

197

ثم انبرى المختار يجتاب الفلا

بتواتر الإدلاج والذملان

198

وتسامعت أنصاره بقدومه

فتقلدوا فرحا بكل يماني

199

وأتوه بالترحيب والبشرى مع ال

تعظيم بالإخبات والخضعان

200

وغدوا يفدون النبي محمدا

بالمال والأرواح والولدان

201

لم يلقه منهم فتاة أو فتى

إلا بقلب نير جذلان

202

فاستبشر القلب الشريف بما رأى

من حسن أخلاق ومن إحسان

203

ما منهم من منزل إلا رجا

أن النبي له من السكان

204

يعدونه إن حل فيهم أنهم

لنبيهم من خير ما جيران

205

لكن ناقته سرت مأمورة

قد أعفيت من حبسة الأرسان

206

حتى لقد بركت بأشرف منزل

بمكان مسجده بلا حيدان

207

فنمى السرور وأصبح الأنصار في

عيد بمن شرفت به العيدان

208

وتكنف ابن سلام الفضل الذي

بالمصطفى أفضى إلى سلمان

209

عرفاه معرفة اليقين فأصبحا

وهما بثوب الرشد مشتملان

210

وابتاع سلمان ابتياعا بالذي

وفاه من ذهب ومن فسلان

211

دخل المدينة فاكتست حلل الرضى

وتعطرت بالروح والريحان

212

أضحت به بعد الخمول شهيرة

بالفضل سامية على الأوطان

213

قرنت بمكة في الفخار وحرمت

وبه سما وتشرف الحرمان

214

وتضاعفت بركاتها بدعائه

فلها على أم القرى مثلان

215

صفحة ١٠

فصل الحلال من الحرام وقبة ال إسلام وهي القلب للإيمان

216

وغبارها يشفي السقام وربعها

مأوى الهدى ومعونة اللهفان

217

من مات فيها صابرا فشفيعه ال

مختار يوم تفرق الخلان

218

رمضانها ألف وجمعتها جزت

ألفا زكى وتضاعف الأجران

219

وصلاة مسجدها بألف في سوى ال

بيت المقبل عنده الركنان

220

شد الرحال إليه مشروع ولو

فتك الوجى بالجسرة المذعان

221

ما بين منبره وموضع قبره

هي روضة من جنة الحيوان

222

يا سائلي عن معجزات المصطفى

خذ ما وعى قلبي وقال لساني

223

لقد اصطفاه الله جل ثناؤه

وحباه منه بمعجز القرآن

224

هو معجز في نفسه بوضوحه

وعناية بالحق من عنوان

225

وحفاظه من خلة وتناقض

ومن الزيادة فيه والنقصان

226

وخروجه بالنظم والإيجاز عن

سجع الكلام وصيغة الأوزان

227

وبقاؤه غضا جديدا رائقا

بالحسن للأبصار والآذان

228

وإذا قضى بالشيء كان كما قضى

لا يستطيع مرده الثقلان

229

لا يدخل التبديل في آياته

كلا وما إعجازه بالفاني

230

لما تحدى الخصم أن يأتوا بما

هو مثله عجزوا عن الإتيان

231

شهدوا له بطلاوة وحلاوة

وفصاحة وبلاغة وبيان

232

وهم الخصوم له فكيف بفرقة

نبذوا الهدى بغباوة الأذهان

233

جعلوا القران إشارة وعبارة

تحكى ومخلوقا وقول فلان

234

ولمعجز القمر الذي بهر العدى

من أكبر الآيات والبرهان

235

سألت قريش آية فأراهم

قمر السماء وجرمه نصفان

236

بقعيقعان النصف منه ونصفه

بأبي قبيس يشهد الجبلان

صفحة ١١

237 فإذا العداة يكابرون عيانهم

شر الرجال مكابر لعيان

238

ثم ارتأوا ظلما وعدوا بينهم

سرا روية مفكر حيران

239

قالوا سلوا السفار إن شهدوا بما

أبصرتهم حقا بلا نكران

240

فهو اليقين وليس سحرا فالتقوا

بالناس من مثنى ومن وحدان

241

فإذا الذي نكروه حق واضح

لكنهم كانوا ذوي عدوان

242

وحديث جابر الشهير وزاده

النزر اليسير وكثرة الإخوان

243

وكفاهم من غير نقص معجز

بادي العيان لعالم رباني

244

وقضاء دين أبيه من تمر له

لم يوف للغرماء بالسهمان

245

فقضاهم والتمر بعد بحاله

أرضى الغريم ووارث المديان

246

وحديث أم سليم المروي عن

أنس وقد بعثته بالرغفان

247

نحو النبي فردها ودعا لها

الجفلى وكانت أكلة الجوعان

248

فأتوه أرسالا فلم يصدر فتى

عن تلك إلا ذا حشا شبعان

249

وشكا إليه الجوع جيش همهم

نحر الحمولة ربة الكيران

250

فأتوا بزاد مثل شاة رابض

فدعا له باليسر والنميان

251

والقوم ألف مع مئات أربع

كل غدا بالمزود الملآن

252

ودعا رجالا شرب كل منهم

فرق ويأكل جذعة من ضان

253

شبع الرجال الأربعون بمده

ورووا بشرب العشر ري بطان

254

ودعا مع المائة الثلاثون الألى

شبعوا بما مقداره مدان

255

ولهم سواد البطن حز فكلهم

قد نال منه أبرك اللحمان

256

كانت تمد من السماء جفانه

بتضاعف البركات لا بجفان

257

ودعا أبو أيوب أكرم مرسل

وطعامه يقتاته رجلان

258

وأتاه مع مئة ثمانون اكتفوا

وقرا أبي أيوب ليس بفان

صفحة ١٢

259 ولقد حبته بعكة من سمنها

مرضية من خير ما نسوان

260

فإذا بها ملأى عقيب فراغها

سمنا له شرف على السمنان

261

وحديث بنت بشير المأثور في

تمر به قصدت أبا النعمان

262

فدعا بأهل الخندق الميمون من

شيخ ومن كهل ومن شبان

263

شبعوا جميعا وهو من بركاته

ينمى ويكثر ليس من قنوان

264

وحديث تمر أبي هريرة ظاهر ال

إعجاز متضح لذي تبيان

265

عشرين تمرة استعد وتمرة

بجرابه لم يبلها الملوان

266

يجني على طول المدى فكأنه

يجنيه من نخل له صنوان

267

ولقد غدا الدوسي منه مزودا

خمسين وسقا في رضى الرحمن

268

كان الجراب لديه محفوظا إلى

قتل الإمام المرتضى عثمان

269

وشكا إليه الجيش من ظمأ وهم

في مهمه ليسوا على غدران

270

فلقوا فتاة في الفلاة وقد أتت

بمزادتين بظهر ذي وخدان

271

فدعا وسمى الله يتفل فيهما

فانهلتا كمجلجل هتان

272

فرووا وأن مزادتيها شدتا

وهما بأزكى الماء وافرتان

273

فمضت ببر ثم ماء وافر

وهدى إلى قوم ذوي أوثان

274

وكذاك أدخل في إناء كفه

والجيش من ظمأ ذووا هيمان

275

فلظل ينبع من أصابعه الروى

ويرود قلب الحائم الحران

276

ولقد تفجرت الركي بسهمه ال

مغروز فيها من أعز كنان

277

وأتى على بئر تمنع ماؤها

أن يستقى بالدلو والأشطان

278

فغدت بماء فيه فاضل ريقه

نهرا من الأنهار ذا جريان

279

وشكا ذوو بئر تمنع ماؤها

في الصيف عند توقد الحران

280

صفحة ١٣

فتلا على سبع عددن من الحصى ما شاء من ذكر ومن قرآن

281

فرموا بها فيها فلم ير قعرها

من بعد من ماء بها مجان

282

وتحول الملح الأجاج بريقه

عذبا يلذ لشارب ظمآن

283

وسقى فروى بالذنوب حديقة

فكفى المشقة صاحب البستان

284

واسمع حديث أبي هريرة إذ غدا

وفؤاده بالجوع ذو أشجان

285

فأتى النبي المصطفى متعرضا

فليبشر الدوسي بالإحسان

286

فأتاه قعب ملؤه لبنا فلم

يملك طماعة جائع لهفان

287

قال ادع لي الفقراء أهل الصفة ال

شعث الرؤوس الضمر الأبدان

288

فأتوا فلم يصدر فتى عن قعبه

إلا بصدر ناعم ريان

289

ثم ارتوى الدوسي بعد إياسه

عللا على نهل فثق ببيان

290

ورأى ابن مسعود وكان غليما

يرعى بأجر لم يعب بخيان

291

فأتاه عبد الله بالشاة التي

لم يفترعها الفحل بالنزوان

292

فتحلبت لبنا له وتقلصت

فجرى بوفق مراده الأمران

293

وكذاك مر بأم معبد التي

وصفته وصف المعرب المتقان

294

فأتت بشاة حائل في ماحل

منع العيال درائر الألبان

295

فدعا وسمى الله يمسح ضرعها

مسحا ويمريه بخير بنان

296

فاجترت العجفاء بعد مجاعة

وغدت تدر بتحفة العجلان

297

فرووا جميعا والفتاة وغادرت

ملء الإناء لزوجها الغرثان

298

وسرى بقفر في مئات أربع

فاتتهم شاة لها قرنان

299

فرووا بخالص درها ثم اغتدت

من حيث جاءت لم تصب بمكان

300

وثنى إليه دوحتين فمالتا

حتى تخلت منهما الساقان

301

فأظلتاه وعادتا فإذا هما

فوق العروق الخضر قائمتان

صفحة ١٤

302 ودعا إليه بأرض مكة دوحة

فأتت محيية ولم تستان

303

وأتاه أعرابي اتضحت له

سبل الهدى بالقطع والإيقان

304

لما أتته دوحة شهدت له

بنبوة الملك العظيم الشان

305

ودعا بعذق من أعالي نخلة

فأتى إليه وعاد نحو إهان

306

وعلا حراء ذات يوم فانثنى

لجلاله متزلزل الأركان

307

فغدا يسكنه ويشعره بمن

قد حله من خلص الأعيان

308

وشكا إليه صيال سانية لهم

قوم فذل له البعير الساني

309

أهوى إليه ساجدا متذللا

وأطاعهم من بعد ما عصيان

310

وكذاك خر له بعير ساجدا

قد أقبلت عيناه بالهملان

311

يشكو إرادة أهله نحرا لهم

فأغاثه غوث الأسير العاني

312

وبه بطيء الخيل أصبح سابقا

لما علاه وصار خير حصان

313

وبعير جابر المخلف بالوجى

فيه غدا ذا قسوة وإران

314

وحديثه بالغائبات مؤيد

بوقوع ما يجلى من الحدثان

315

كصحيفة درس الذي قد أودعت

من جورها ضرب من الديدان

316

قصدت قريش بها قطيعة هاشم

فأزيل ما فيها من العدوان

317

فدرى النبي بها فأعلم عمه

والأمر خاف من ذوي الطغيان

318

وحديثه بمصارع القتلى على

بدر غداة تقابل الصفان

319

وحديثه العباس بالمال الذي

أعطاه أم الفضل في كتمان

320

وسرى عمير نحو طيبة بعد أن

أضفى عقود الشر مع صفوان

321

متقلدا بالسيف يبغي غرة

لممنع من كيد ذي شنآن

322

فأتى به الفاروق يمسك سيفه

يخشى معرة غادر خوان

323

قال المؤيد خله وأذاع ما

صفحة ١٥

كانا به في الغيب يأتمران 324

فرأى عمير ما دعاه لرشده

فانقاد بعد نفوره لليان

325

وتكلمت في فتح مكة فرقة

سمعوا بلالا معلنا بآذان

326

فيهم أبو سفيان كل قال ما

فيه القذى إلا أبا سفيان

327

فأتاهم الهادي فأخبر بالذي

قالوا ووفق ممسك للسان

328

وقضى بصلح بعده سيصيبه

بالسيد الحسن ابنه فتيان

329

ولقد رأى رجلا فأخبر أنه

يلد الخوارج شر ما ولدان

330

وقضى بأن المخدج اليد فيهم

وبه علي كان ذا إيقان

331

وعلى المشارق والمغارب جنده

أضحوا بموعده ذوي سلطان

332

وبوعده ظفروا بكنزي فارس

والروم ينفق فيهما الكنزان

333

وكذاك أخبر ذات يوم صحبه

أن سوف يظهر بعده صنفان

334

صنف بأيديهم سياط تشبه ال

أذناب من بقر وصنف ثاني

335

من كاسيات عاريات فتنة

للناس بالتمييل والميلان

336

رفعت كأسنمة الجمال البخت

من فوق الرؤوس حبائل الشيطان

337

ويجيء قوم لا أمانة عندهم

من عصبة ثلج البطون سمان

338

وستظهر الترك الصغار الأعين ال

دلف الأنوف مدمروا البلدان

339

يحكي مجنا مطرقا وجه الفتى

منهم وقد ظهروا بهذا الآن

340

فتكوا بأطراف البلاد ونحن في

ثقة به من كيدهم وأمان

341

ضمن النبي لبيضة الإسلام أن

لا تستباح ثقوا بخير ضمان

342

وقضى بهرج هائل هو ظاهر

في عصرنا هذا من العجمان

343

قتلت طغاة خوارزم رجالنا

وسبوا حريم الناس بعد صيان

344

وكذاك أخبر أن سب صحابه

ما للمصر عليه من غفران

345

صفحة ١٦

علما بقوم يجهرون بسبهم من كل غمر فاحش لعان

346

وسموا الصحابة بالنفاق فيا له

حدثا تصم لأجله الأذنان

347

فلقد وجدنا وعده متيقنا

فيما ذكرت بمسمع وعيان

348

والصخر لان له بيوم الخندق ال

ميمون لين الترب والأطيان

349

ولقد تبدت للصحابة كدية

لم يستطيعوا حفرها بجفان

350

فأتى فرش الماء رشا فوقها

فغدت له تنهال كالكثبان

351

ظهرت قصور الشام منه بضربة

وقصور فارس ربة الإيوان

352

ظهرت بأخرى ثم أخرى أظهرت

يمنا بضربة ضامر سغبان

353

والجذع حن إليه عند فراقه

شوقا حنين الهائم الولهان

354

فأتى يسكنه وقال مخيرا

إن شئت ترجع أخضر العيدان

355

أو إن تشأ في الجنة العليا تكن

فاختار غرسا في نعيم جنان

356

وبكفه الحصيات سبعا سبحت

وبأمره في كف كل هجان

357

وهما وزيراه وعثمان الذي

بكريمتيه زكى له النوران

358

ونوت له حمالة الحطب الأذى

فلبئسما همت به من شان

359

فأظله ملك بفضل جناحه

فانصاعت اللكعاء بالحرمان

360

وسعى أبو جهل إليه بعد أن

حلف اللعين بأخبث الأيمان

361

لو قد رآه ساجدا لسطا به

فلكيف أدبر عنه ذا نكسان

362

لما رأى من لو دنا لتخطفوا

أعضاءه كتخطف العقبان

363

وأتاه ذو كيد بفهر فانثنى

وبنانه باليبس شر بنان

364

وكفاه رب العرش شر عصابة

مردوا على السخري والطعنان

365

مستهترين بأرض مكة خمسة

لم يكتمل لهلاكهم يومان

366

وأتت شياطين الفجاج إليه في

أيديهم شهب من النيران

صفحة ١٧

367 يبغونه كيدا فأطفأ نارهم

فتفرقوا بمذلة وهوان

368

وأراد شيطان أذاه فشده

بين السواري شد عان جان

369

لولا دعاء سابق أضحى لفي

وسط المدينة لعبة الصبيان

370

وذراع شاة الخيبرية أصبحت

بالسم تخبره بلا أكنان

371

وانقض طائر استقل بحقة

فرمى بما فيها من الجنان

372

وأعاد عين قتادة فتميزت

بجمالها في وجهه العينان

373

ورأى بباب خباء قوم ظبية

محبوسة عن مرتع الغزلان

374

نطقت فنادته السلام عليك كن

لي مطلقا لأسير نحو إراني

375

قال الشديد الحلم أنت ربيطة

ونصيب أقوام من الحيوان

376

قالت فلي خشفان إن أهملتني

يهلك لفقد رضاعي الخشفان

377

عذبت كالعشار إن لم آتكم

من بعد أن أغذوهما بلبان

378

فسقتهما وأتت إليه فشدها

بحبال قناص أغرن متان

379

ودعا بمالكها فأطلقها له

فمضت لها زجل من الشكران

380

وأتى إليه حارس في كمه

ضب وكان المرء ذا كفران

381

فهدته للحسنى شهادة ضبه

برسالة المبعوث من عدنان

382

وأتى أويس وهو ذئب سائلا

قسطا يكون له على القطعان

383

فأبوا فقال له فخالسهم إذا

فسطا تعطفه على البرحان

384

وأتت يهود معدة لمسائل

فأجابهم عنها بغير تواني

385

عرفوا نبوته بها وبغيرها

لكنهم ضلوا عن العرفان

386

ولقد رأى من خلفه كأمامه

وكذا النهار وليله سيان

387

وتنام عيناه وليس بغافل

لكن بقلب مبصر يقظان

388

وأتى إلى العباس ثم دعا له

ولولده في الدار بالغفران

389

صفحة ١٨

فتلاه تأمين الجدار وقبلها لم يسمع التأمين من جدران

390

ودعا عليا يوم خيبر وهو لا

يسطيع حربا أرمد الأجفان

391

فدعا له مع تفل ريقته فلم

ترمد له من بعده عينان

392

ودعا له أن لا يضر بجسمه

حر ولا برد بكل أوان

393

فشتاؤه فيه القميص كجبة

والصيف فيه الفرو كالكتان

394

وكذا ابن عباس أعد طهوره

فدعا له بالعلم والتبيان

395

فحوى العلوم وكان طورا راسخا

فيها وأمعن غاية الإمعان

396

وشكا إليه وهو فوق المنبر ال

ميمون شاك ظاهر البابان

397

يشكو البلاد وقحطها فدعا فيا

غيث السماء هلم بالهطلان

398

وأقام سبعا لا يريم فجاءه

شاك يخاف تهدم الحيطان

399

فدعا فأحدق بالمدينة صحوها

بل عن سواها الغيث ليس بوان

400

فأقام شهرا لا يمر مسافر

إلا بواد مفعم البطنان

401

ودعا بغيث ذي صفات عدة

فأتى كما حلا بلا نقصان

402

ودعا لشخص بالجمال فجاوز ال

تسعين وهو كأجمل الشبان

403

ولقد روى أنس دعا بالعمر وال

بركات والأولاد لي وحباني

404

فرأيت لي مئة وستة أنفس

للصلب كانوا أبرك الغلمان

405

والكرم يحمل مرتين وتجتني

لتضاعف البركات في بستان

406

وبغى أخو دوس هداية أمه

فأبت فأقبل مستهل الشان

407

ودعا له ولأمه بمحبة

حلت بباطن كل ذي إيمان

408

ودعا المهيمن أن يسلط كلبه

يوما على متمرد فتان

409

فأظله سفر فخاف دعاءه

فدعا بمن معه من الأخدان

410

فتحلقوا هم والرواحل حوله

فدهاه بأس غضنفر غضبان

صفحة ١٩

411 فاغتاله من بينهم فإذا به

وسط العرين ممزق الجثمان

412

واشتد برد غدوة فتخلفوا

عنها تخلف عاجز كسلان

413

فدعا بكسر البرد عنهم فاغتدوا

يتروحون بفاضل الأردان

414

هو أول البناء خلقا آخر

في البعث جدد دارس الأديان

415

واضرب له في بعثه من بعدهم

مثلا كدار قد بناها الباني

416

فسمت وراقت غير موضع لبنة

ومحمد هو مكمل البنيان

417

فضل الكرام المصطفين جميعهم

بخصائص اجتمعت له ومعاني

418

عم البرايا بالرسالة إنسهم

والجن ثمت خص بالفرقان

419

جعلت له الأرض البسيطة مسجدا

وترابها جعل الطهور الثاني

420

وله الغنائم حللت ولنصره

ريح الصبا كانت من الأعوان

421

والرعب كان على مدى شهر له

بقلوب من عاداه وخز سنان

422

خلعت عليه قطيفة من سندس

فله استقام الزهد عن إمكان

423

وأتى إليه هدية من ربه

من جنة الفردوس قطف داني

424

ولقد أتى عنه حديث مسند

سأسوق معناه لذي نشدان

425

في خصلتين يفوق آدم فيهما

وهما لأهل الحق واضحتان

426

شيطان آدم كافر يغوي وقد

وصلت هدايته إلى الشيطان

427

ولزوجه عون عليه وإنه

بنسائه قد كان خير معان

428

وحليلتا نوح ولوط ضلتا

فهما برب العرش كافرتان

429

ونساؤه الخيرات هن نساؤه

مع ناعمات في الجنان حسان

430

حرمن أن ينكحن تعظيما له

من بعده وعصمن من بهتان

431

وهو الحبيب ولم يفته خلة

وله الكلام ورؤية الرحمن

432

صفحة ٢٠