ولم ير أبو عبد الله على من توضأ فاستنجى ثم وقع ثوبه في الماء الذي يستنقع من استنجائه بأسا؛ لأنه إذا استنجى أكثر من ثلاث نضحات كان هذا الماء المؤخر طهورا للأول، ولو كان هذا الماء مستنقعا. وقيل: لسان الماء في السائل من الاستنجاء يفسد، وما سال بعد ذلك فلا بأس به.
واعترضه أبو محمد بأن حكم النجاسة يرتفع بغلبة الماء الطاهر عليه إذا كثر ولو كان لسان الماء نجسا في ابتدائه، وفي حال تكاثر الماء الطاهر عليه لوجب أن يكون نجسا، ولو دفع السيل خلفه، أو بلغ من قرية إلى قرية، ولا أظن أن هذا يقول به قائل من أهل العلم.
وهذا الاعتراض كما ترى إنما هو مستقيم عند تكاثر الماء لا عند قلته، فلعل صاحب القول الأول يوافق أبا محمد عند تكاثر الماء، ويقيد كلامه بما إذا كان الماء قليلا فيبقى حينئذ خاليا من الاعتراض، والله أعلم.
خاتمة: في مكروهات الوضوء
واعلم أن كل ما خالف المسنون فهو مكروه.
ومن المكروهات: - لطم جارحة الوضوء بالماء عند التوضؤ؛ لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مر برجل يتوضأ وهو يصب الماء صبا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : «لكل شيء آفة، وآفة الماء ثجه، ولا تثج الماء ثجا وبثه بثا ولبه لبا». قيل لأبي سعيد: ما تفسير البث؟ قال: هو عندي أن يؤخذ ماء قليل فيبثه على الجارحة لمسحها وغسلها، والله أعلم.
صفحة ١٤١