202

معاني القرآن وإعرابه

محقق

عبد الجليل عبده شلبي

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الأولى ١٤٠٨ هـ

سنة النشر

١٩٨٨ م

مكان النشر

بيروت

متَحركات الفعل، فإذا كان في الأول ساكن اجتلبت له ألف الوصل، وضم ما كان متحركًا، فكان المتحرك من اتبعوا التاء الثانية فضمت دليلًا على ترك
الفاعل، وأيضًا فإنَ في (اتُّبِعُوا) ألفَ وصل دخلت من أجل سكون فاءِ الفعل، لأن مثَاله من الفعل افْتعِلوا، فالأف ألف وصل ولا يبنى عليه ضَمة الأول
في فِعْل لم يُسَمَّ فاعلُه، والفاءُ ساكنة، والسَّاكنُ لا يُبْنى عليه فلم يبق إلا
الثالث، وهو التاءُ فضمت عَلَمًا للفعل الذي لم يسم فاعله، فكان الثالث لهذه العلة هو الأول.
* * *
وقوله ﷿: (وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)
أي عودة إلى الدنيا فنتبرأ منهم، موضع "أن" رفع، المعنى لو وقع لنا
كرورٌ لتبرأنا منهم، كما تبرأوا منا، " يقال تبرات منهم تبرؤا، وبرِئت منه
بَرَاءَة وبرِئْت من المرض وبَرَأتُ أيضًا لغتان " أبرأ، بَرءًا، وبريت القلم وغيره
وأبريه غير مهموز، وبرأ اللَّهُ الخلقَ بَرءًا.
وقوله ﷿: (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ).
أي كـ تَبرِّي بعضهم من بعض يريهم اللَّهُ أعمَالَهُمْ حَسَراب عليهم لأن ما
عمله الكافر غير نافعه مع كفره، قال الله ﷿:
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)
وقال: (حَبطَتْ أَعْمَالُهُمْ) ومعنى (أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) لم يجازهم على ما عَملوا من خير، وهذا كما تقول لمن عَمل عملًا لم يعد عليه فيه نفع: لقد ضَل سَعْيُكَ.

1 / 240