22

مcاني الأخبار

محقق

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

بيروت / لبنان

حَدِيثٌ آخَرُ
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: ح الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ قَالَ: ح رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: ح شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا التَّيَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، ﵁ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «يَسِّرُوا، وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا، وَلَا تُنَفِّرُوا» قَالَ الشَّيْخُ: مَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ: «يَسِّرُوا» إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَيِ: اصْرِفُوا وُجُوهَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ، وَرُدُّوهُمْ فِي طَلَبِ الْحَوَائِجِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَرُدُّوهُمْ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ الْيُسْرَ كُلَّهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وَقَالَ ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: ٦] . «وَلَا تُعَسِّرُوا» أَيْ: لَا تَرُدُّوهُمْ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ فِي طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْهُمْ، وَقَضَائِهَا مِنْ عِنْدِهِمْ، فَإِنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَى مِثْلِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِمْ فِيهِ، فَكَأَنَّهُمْ يَتَجَاذَبُونَ شَيْئًا بَيْنَهُمْ كُلٌّ يُرِيدُهُ لِنَفْسِهِ، فَيَعْسَرُ عَلَيْكُمُ الْوُصُولُ إِلَى مَا يَتَجَاذَبُونَهُ بَيْنَكُمْ. وَقَوْلُهُ: «سَكِّنُوا» تَصْدِيقًا لِمَا قُلْنَا بِأَنَّ السُّكُونَ هُوَ الطُّمَأْنِينَةُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨]، فَلَا يَزَالُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فِي اضْطِرَابٍ فِي نِيلِ مَا يَرْجُوهُ، وَكَذَلِكَ مَا يُرِيدُهُ حَتَّى يَرُدَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَهُنَاكَ يَسْكُنُ اضْطِرَابُهُ ضَرُورَةً وَاخْتِيَارًا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «لَا تُنَفِّرُوا» أَيْ: لَا تُفَرِّقُوهُمْ فِي دَلَالَتِهِمْ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ، وَرَدِّهِمْ إِلَى مَنْ سَوَاهُ، فَيَتَفَرَّقُ بِهِمُ الْمَذَاهِبُ، وَيَخْتَلِفُ عَلَيْهِمُ الْمَسَالِكُ وَالطُّرُقُ فِي طَلَبِ مَا يُرِيدُونَهُ فَالتَّنَافُرُ فُرْقَةٌ، وَالسُّكُونُ جَمْعٌ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَسِّرُوا، أَيْ: رُدُّوهُمْ إِلَى الْيُسْرِ ⦗٤٣⦘، وَلَا تُعَسِّرُوا، أَيْ: لَا تَرُدُّوهُمْ إِلَى الْعُسْرِ، وَسَكِّنُوا: أَيِ اجْمَعُوهُمْ، وَلَا تُنَفِّرُوا أَيْ: لَا تُفَرِّقُوهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ أَصْبَحَ وَهَمُّهُ الدُّنْيَا شَتَّتَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَمَنْ أَصْبَحَ وَهَمُّهُ الْآخِرَةُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ شَمْلَهُ»، هَذَا فِيمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، فَمَا ظَنُّكَ فِيمَنْ أَرَادَ بِهِمَا. يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ مَا

1 / 42