مcاني الأخبار
محقق
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
مكان النشر
بيروت / لبنان
حَدِيثٌ آخَرُ
قَالَ: ح بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ: ح أَبُو قِلَابَةَ وَهُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ح أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ح سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ مَعْقِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، ﵄، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» قَالَ الشَّيْخُ ﵀: مَعْنَى التَّوْبَةِ: الرُّجُوعُ، وَكَذَلِكَ الْأَوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ، فَتَابَ وَآبَ، وَأَنَابَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ الرُّجُوعُ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «آَيِبُونَ تَائِبُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأَنِيبُوا إلَى رَبِّكُمْ﴾ [الزمر: ٥٤] وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ﴾ [النور: ٣١]، غَيْرَ أَنْ تَحْتَ كُلِّ لَفْظَةٍ خَاصِّيَةً وَزِيَادَةَ فَائِدَةٍ، فَأَكْثَرُ مَا جَاءَ ذِكْرُ التَّوْبَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا جَاءَتْ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الْمَعَاصِي، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوَا الزَّكَاةَ﴾ [التوبة: ٥]، أَيْ: رَجَعُوا مِنَ الشِّرْكِ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَمِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾ [النساء: ١٧]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الفرقان: ٦٨] إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: ٦٨]، إِلَى قَوْلِهِ ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ﴾ [مريم: ٦٠]، وَمِثْلُهَا كَثِيرٌ. وَالْأَوْبَةُ فَأَكْثَرُ مَا جَاءَ فِي حَالِ الطَّاعَةِ وَالْفِعْلِ الْمَرْضِيِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ٤٤]، وَقَالَ ﴿إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الإسراء: ٢٥]
⦗٢٣٤⦘ وَالْإِنَابَةُ رُجُوعُ الْقَلْبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾ [ق: ٣٣]، وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾ [الزمر: ٥٤]، مَجَازِي ارْجِعُوا إِلَى رَبِّكُمْ بِبَوَاطِنِكُمْ وَنِيَّاتِكُمْ وَاسْتَسْلِمُوا لِأَحْكَامِهِ وَأَوَامِرِهِ بِظَوَاهِرِكُمْ وَأَفْعَالِكِمْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾، وَقَالَ تَعَالَى ﴿فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾ [ص: ٢٤] اسْتَغْفَرَ بِلِسَانِهِ وَخَضَعَ بِأَرْكَانِهِ، وَأَنَابَ بِجَنَانِهِ، فَالرَّاجِعُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَوْصَافِهِ الذَّمِيمَةِ، وَأَفْعَالِهِ الْمُشِينَةِ ثَوَّابٌ، وَالرَّاجِعُ إِلَى اللَّهِ فِي أَوْصَافِهِ الْحَمِيدَةِ، وَأَفْعَالِهِ الْمَرْضِيَّةِ أَوَّابٌ، وَالرَّاجِعُ بِقَلْبِهِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا إِلَى رَبِّهِ مُنِيبٌ، هِجِّيرَي التَّوَّابِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَهِجِّيرَي الْأَوَّابِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَهِجِّيرَي الْمُنِيبِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَالتَّوْبَةُ هِيَ الرُّجُوعُ عَنْ حَالِ الْمَعْصِيَةِ إِلَى حَالِ الطَّاعَةِ، وَمِنَ الْمُخَالَفَةِ إِلَى الْمُوَافَقَةِ، وَالْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتُ فِيهَا مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى تَضْيِيعُ أَوَامِرِهِ وَارْتِكَابُ مَنَاهِيهِ، وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، وَخَرْقُ أَعْرَاضِهِمْ وَالنِّدَمُ: هُوَ التَّلَهُّفُ عَلَى مَا فَعَلَ، وَتَمَنِّي أَنْ يَكُونَ تَرَكَهُ، وَالْحَسْرَةُ عَلَى مَا تَرَكَ وَتَمَنِّي أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ، فَمَنْ عَصَى فِي ارْتِكَابِ مَا نَهَى اللَّهُ ﷿ وَشَتَمَ أَعْرَاضَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَنَاوَلَ مَا حَرَّمُ اللَّهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَارِكًا لِمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، نَادِمًا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ، فِيمَا ارْتَكَبَ مِنْ نَهْيِ رَبِّهِ، وَالِاسْتِغْفَارُ لِإِخْوَانِهِ فِيمَا اسْتَحَلَّ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِيمَا
1 / 233