فصل ولما ثبت أن كمال العلم إنما هو بالعمل، تبين أنه ليس في العلوم - بعد المعرفة - أشرف من علم الفقه; لان مدخليته في العمل أقوى مما سواه، إذ به تعرف (1) أوامر الله تعالى فتمتثل (2)، ونواهيه فتجتنب، ولأن معلومه - أعني: أحكام الله تعالى - أشرف المعلومات، بعد ما ذكر. ومع ذلك، فهو الناظم لأمور المعاش (3)، وبه يتم كمال نوع الانسان.
وقد روينا بطرقنا، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان (5)، عن درست الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى، عليه السلام، قال: " دخل رسول الله، صلى الله عليه وآله، المسجد، فإذا جماعة قد أطافوا برجل، فقال: " ما هذا؟ "، فقيل: " علامة "، فقال: " وما العلامة؟ "، فقالوا له: " أعلم الناس بأنساب العرب، ووقائعها، وأيام الجاهلية والاشعار والعربية " (6). قال: فقال النبي، صلى الله عليه وآله: " ذاك (7) علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه ". ثم قال النبي، صلى الله عليه وآله: " إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة. وما خلاهن فهو فضل " (8).
وعنه، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله، عليه السلام، قال: " إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين " (9).
صفحة ٢٢