أشك في أنك ستفعل؛ فأنت تفضل الحوار في الطرقات كسقراط أو في المكتبة!
لطفي :
معك حق. أوه! اللعنة. كدت تفوت علي موعدي؛ سأنتظرك غدا، لا تتأخر، واحترامي للسيدة.
ومن جديد، لا رسائل من فرنسا.
تغمرني ظلمة بغيضة ... آه! ما أقسى أن يكون المرء وحيدا، بعيدا عن حياته! إني ضائع. نعم؛ إني ضائع.
في اليوم التالي يبدأ، والكآبة لا تفارقه، مقالا ثم ما يلبث أن يتخلى عنه ويتركه آسفا ثم يعود فجأة: «أعطني المفتاح.»
وها هي رسائلك، رسائلك التي تشفي، فقد شفيت، وأرسلت أخيرا مقالي. إنه أفضل مقال كتبته منذ رحيلك حول طبيعة المعارضة. ففيه من الفلسفة ومن علم الاجتماع ومن السياسة ومن الهزل ومن السخرية كل ذلك مجتمعا. ألم أقل لك إنني لا أساوي شيئا بدونك ...
أولئك الذين يتحابون حقا يعرفون أن الحب حاجة إلى حضور مستمر، حتى وإن لم يكن هذا الحضور حضورا ماديا. على أنه سيتقبل بعد ذلك بصورة أقل مأساوية عدة أسابيع أو عدة أيام - نادرة - كان علينا أن نفترق خلالها. لكنه سيتألم منها - مثلما سأتألم منها أيضا - وسيعبر الحنان المطلق عن نفسه ضمن رسالته الأخيرة التي سيكتبها لي.
ويتابع في يوليو 1922
كان أفلاطون يفكر أننا إذ نتحاب، فإننا لا نفعل سوى أن نعيد صنع ما أفسده عارض ما. عندما تنفصل نفسان عن بعضيهما، تبحث كل منهما عن الأخرى، وعندما يوجدان ويتعارفان، فإنهما لا يعودان كائنين وإنما كائنا واحدا. إنني أومن بذلك تماما ... أتعلمين أنني أصبح صوفيا! لو كنت شاعرا لألفت الأناشيد ولغنيتها بنشوة، لا يهم؛ فقلبي يؤلفها ويغنيها ونفسي ترق وقلبي يلين، إنني لم أعد أتعرف على نفسي مطلقا ... فلدي شخصيتان: واحدة للعالم كله، وأخرى لك، لي، لنا، وفكرتك وحدها هي التي تجعلها تعيش ... ولكن أترين يا سوزان؟ أنا لا أتحدث إلا عني، إنني أناني ... وكل الصوفيين أنانيون.
صفحة غير معروفة