نقم الأقيال، أي الأشراف، من بني حمير على ملكهم حسان، وما دامت أسباب نقمة الأقيال، وغير الأقيال، كثيرة على الملوك، فلا موجب لذكر سبب النقمة.
والتمس الأقيال وسيلة ينتقمون بها من عدوهم، فمشوا إلى الأمير عمرو، وهو أخو حسان وولي عهده، فقالوا له:
وما يمنعك أن تكون أنت الملك الآن؟ أفما يليق رأسك بالتاج؟ أفما تليق هيبتك بالعرش؟ فاخلع أخاك أو اقتله، ونحن وأنت يد واحدة.
ونسي عمرو أن حسانا أخوه.
وكأن كلام الأقيال أثار كبيتا كان في نفسه منذ أعوام.
وقد لا يكون غريبا أن يقتل أخ أخاه من أجل الملك، فذلك شيء عرفه التاريخ وأكثر معرفته ، وأقل في الغرابة أن يحرض نفر من الأشراف أميرا على قتل أخيه، ولكن الغريب حقا أن يظهر في مثل هذه القضية وجه لمثل هذا القيل الذي سمته الرواية ذا رعين.
قيل إن ذا رعين لم يكد يسمع بما فعل أصحابه الأقيال حتى أنكر قبح فعلتهم، وأسرع إلى عمرو ينهاه عما هم به.
أما الأقيال فضحكوا منه وقالوا له: طالما عرفناك واعظا حسن الإرشاد، ولكننا الآن في شيء آخر، نحن في السياسة!
وأما الأمير عمرو فقطب في وجهه وقال له: لا بد لي اليوم من العرش والتاج، ولو على جثة أخي، وما يدريني أنني أعيش لأرثه.
فقال ذو رعين: وضميرك؟ ضميرك أيها الأمير.
صفحة غير معروفة