مباحث في علوم القرآن لصبحي الصالح
الناشر
دار العلم للملايين
رقم الإصدار
الطبعة الرابعة والعشرون كانون الثاني/ يناير ٢٠٠٠
تصانيف
إلى بعض١.
والقول بعدم الهمز في هذ الآراء الثلاثة كاف للحكم ببعدها عن قواعد الاشتقاق وموارد اللغة.
وممن رأى أن لفظ "القرآن" مهموز: الزجاج٢ واللحياني٣ وجماعة.
أ- يقول الزجاج: إن لفظ "القرآن" مهموز على وزن فعلان، مشتق من القرء بمعنى الجمع، ومنه قرأ الماء في الحوض إذا جمعه؛ لأنه جمع ثمرات الكتب السابقة٤.
ب- ويقول اللحياني: إنه مصدر مهموز بوزن الغفران، مشتق من قرأ بمعنى تلا، سمي به المقروء تسمية للمفعول بالمصدر٥.
والأخير أقوى الآراء وأرجحها، فالقرآن في اللغة مصدر مرادف للقراءة، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ ٦.
والعرب في الجاهلية حين عرفوا لفظ "قرأ" استخدمواه بمعنى غير معنى التلاوة، فكانوا يقولون: هذه الناقة لم تقرأ سلى قط، يقصدون أنها لم تحمل ملقوحا ولم تلد ولدًا، ومنه قول عمرو بن كلثوم:
هجان اللون لم تقرأ جنينا٧
أما قرأ بمعنى "تلا" فقد أخذها العرب من أصل آرامي وتداولوها،
_________
١ البرهان ١/ ٢٧٨.
٢ الزجاج: هو إبراهيم بن السري، ويكنى أبا إسحاق، صاحب كتاب "معاني القرآن" توفي سنة ٣١١ "انظر إنباه الرواة ١/ ١٦٣".
٣ اللحياني: هو أبو الحسن علي بن حازم، اللغوي المشهور المتوفى سنة ٢١٥، وقد فاد ابن سيده من كتبه في تأليف "المخصص".
٤ البرهان ١/ ٢٧٨.
٥ الإتقان ١/ ٨٧.
٦ ويرى بعض المفسرين أن منه أيضا قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ أي: القراءة.
٧ لسان العرب ١/ ١٢٦.
1 / 19