ونصف دماغ المرأة الأيمن أكبر من الأيسر بخلاف الرجل. وهذا يفهم منه لماذا المرأة تياسر، أي تذهب ذات اليسار، والرجل ييامن، أي يذهب ذات اليمين. وهذا ظاهر حتى في عرى ثيابهما وأزرارها، فإن حركة التزرير في المرأة يسارية وفي الرجل يمينية، كما يمكن تحققه من إرسال النظر إليهما. وهذا يدل على أن الاختلاف بين الرجل والمرأة من أصل الطبع.
و«دلوني» أول من نبه النظر إلى ذلك، وقال إن حركة المرأة اليسارية، أو التقريبية كما يسميها أيضا، دليل على الانحطاط؛ لأنها تشاهد في الحيوانات كالقرود وفي فروع البشر السافلة، وإن حركة الرجل اليمينية، أو التبعيدية كما يقول أيضا، دليل على الارتقاء . •••
فهذا نظر تشريحي وفزيولوجي، يبين منه هذا الفرق بين الرجل والمرأة. وأما من الوجه الأدبي فقد اختلفوا في: هل المرأة أنبل خلقا من الرجل أم لا؟ وتوجد مؤلفات كثيرة في مدح المرأة وذمها. وقد ذهب مؤلفون كثيرون إلى أن المرأة أنهم من الرجل وأكسل وأشبق وأبخل، وأكثر عجبا وكبرا وحسدا، وأشد حنقا وحقدا. وفي العصور الوسطى طرح أحد المجامع هذه المسألة مطرح البحث، وهي: «هل للمرأة نفس؟» ولا نظن أن احتقار المرأة بلغ هذا القدر في عصر من العصور أو عند شعب من الشعوب.
وجميع الحكماء والفلاسفة المتقدمين كأبقراط وأرسطو على أن المرأة أحط من الرجل، ويضيق بنا المقام عن استيفاء جميع ما قالوه في ذلك من مدح وذم وتسنيع وتشنيع؛ فنحن لذلك نغفل أقوالهم، ونعتمد لحل المسألة على مباحث المتأخرين المبني أكثرها على علم مقابلة أفعال الإنسان المعروف عندهم بالدموغرافيا.
من المقرر المتفق عليه أن المرأة أقل ارتكابا للجرائم من الرجل. قال كواتلت: «والذي يمنعها من ذلك إنما هو خجلها وحياؤها، وحالها من الرضوخ، وعوائدها التي تحجبها، وضعف جسدها.» وقال غيره: «إن التسميم الذي هو سلاح الجبناء هو في الغالب سلاحها، وهي أحيل من الرجل وأخدع منه؛ لأنها أضعف منه، والحيلة والخداع سلاح الضعيف. إن استقوتك استعطفتك ببكائها، وإن استضعفتك قتلتك بكبريائها.» والجمهور على أنها محبة ومحسنة أكثر من الرجل، إنما إحسانها لا يغني ولا يطاق، وقلما تفعله إلا لغرض ديني.
وأما من الوجه البسيكولوجي أو العقلي، فمن المقرر أن القوى العاقلة تابعة لحالة الدماغ، أو بالحري لمركز هذه القوى فيه، وهو في الحيوان العالي، كما تقدم، أعظم في الذكر منه في الأنثى؛ ولذلك كان الذكر أعقل من الأنثى بإجماع الحكماء والطبيعيين.
وقد اتفقت جميع الشرائع على أن تعامل المرأة معاملة القاصر المحتاج إلى وصي، وسببه ما بها من الخفة والطيش. وأما زعماء المساواة فيدعون أن هذه الشرائع قد ضحت المرأة للرجل؛ لأن الذين سنوها إنما هم الرجال. ووصف علماء الأخلاق المرأة بأنها لاهية متقلبة مفرطة أكثر من الرجل ، وجميعهم على أنها مطبوعة على الخرافات والعناد والتشبه والتمسك بالعادات القديمة أكثر من الرجل، وعلى أنها مهذار مخواف أكثر منه. وقال بروكا العالم الأنثروبولوجي إن المرأة أقل إدراكا من الرجل. وهو أيضا رأي داروين كبير الطبيعيين في هذا العصر، قال ما معناه إن الرجل والمرأة إن تجاريا فالسابق السابق هو، وهل يبلغ الظالع شأو الضليع؟
ونقل دلوني عن التجار والصناع أن المرأة تثابر على العمل أكثر من الرجل، إلا أنها أقل إدراكا منه. ويقرب عملها من أن يكون ميكانيكيا أكثر من أن يكون عقليا؛ ففي المطابع تحسن إعادة صف الكتب المطبوعة، ولا تحسن صف الكتب المخطوطة كالرجال؛ لأنها لا تفهمها نظيرهم. وقال أيضا: «إذا قيست المرأة بالرجل في أوروبا وجدت متأخرة عنه نحو قرن؛ فبينما الرجل يشتغل بالتاريخ والفلسفة والعلم تشتغل هي بمطالعة الأقاصيص وكتب الأدب. نعم، إنه حصل اليوم في أوروبا وأمريكا ثورة في خواطر النساء، فنهضن يطالبن الرجال بالأعمال التي انفردوا بها، وينازعنهم المراكز العلمية، وقد صار عدد غير قليل منهن طبيبات، غير أنه لا يعلم أنهن سرن إلا على خطواتهم مقلدات غير مخترعات، وعلى المستقبل أن ينبئنا بما إذا كن يستطعن أكثر من ذلك.»
والخلاصة من كل ما تقدم أن الذكر في الأنواع العالية يمتاز على الأنثى بشدة التغذية، وبالنتيجة بالقوة العضلية والعقلية أيضا؛ لأنه يوجد نسبة بين الحياة النباتية الخارجة عن سلطان الإرادة وحياة النسبة الواقعة تحت هذا السلطان. فالرجل لما كان يتغذى أكثر من المرأة، ويولد قوة أكثر منها؛ كان ضرورة أقوى منها جسديا وعقليا.
ومما ينبغي التنبيه إليه هنا أن الفرق بين الذكور أشد منه بين الإناث، وذلك يرى في الحيوان والإنسان؛ فإن الرجال من الشعب الواحد بل من العائلة الواحدة يفرقون بعضهم عن بعض في القامات ولون الشعر والقوة العضلية والصوت والمشارب حتى الخط أيضا، أكثر جدا مما يفرق النساء بعضهن عن بعض. وشدة التباين من علامات الارتقاء كما لا يخفى على علماء هذا المذهب. •••
صفحة غير معروفة