مباحث الأمر التي انتقدها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد (١٢٣)
تصانيف
وَأَن الْإِجْزَاء والإثابة يَجْتَمِعَانِ ويفترقان١، فالإجزاء بَرَاءَة الذِّمَّة من عُهْدَة الْأَمر وَهُوَ السَّلامَة من ذمّ الرب أَو عِقَابه٢ وَالثَّوَاب الْجَزَاء على الطَّاعَة٣ وَلَيْسَ الثَّوَاب من مقتضيات مُجَرّد الِامْتِثَال، بِخِلَاف الْإِجْزَاء فَإِن الْأَمر يَقْتَضِي إِجْزَاء الْمَأْمُور بِهِ٤.
لَكِن هما مجتمعان فِي الشَّرْع إِذْ قد اسْتَقر فِيهِ أَن الْمُطِيع مثاب والعاصي معاقب.
وَقد يفترقان فَيكون الْفِعْل مجزئًا لَا ثَوَاب فِيهِ إِذا قارنه من الْمعْصِيَة مَا يُقَابل الثَّوَاب كَمَا قيل “رب صَائِم حَظه من صِيَامه الْعَطش وَرب قَائِم حَظه من قِيَامه السهر”٥.
فَإِن عمل الزُّور فِي الصّيام٦ أوجب إِثْمًا يُقَابل ثَوَاب الصَّوْم، وَقد اشْتَمَل
_________
١ - قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْبَحْر الْمُحِيط ١/٣١٨ “الصِّحَّة لَا تَسْتَلْزِم الثَّوَاب بل يكون الْفِعْل صَحِيحا وَلَا ثَوَاب فِيهِ”.
٢ - انْظُر تَعْرِيفه فِي الْبَحْر الْمُحِيط٢/٤٠٧ و١/٣١٩ وَشرح الْكَوْكَب ١/٤٦٨ - ٤٦٩ ونثر الْوُرُود ١/٦٣ وَنِهَايَة السول ١/١٠٤.
٣ - انْظُر تَعْرِيفه فِي التعريفات للجرجاني ٧٢ والتعريفات للبركتي ٢٤٤.
٤ - هَذَا قَول عَامَّة الْفُقَهَاء والمتكلمين ومحققي الْأُصُولِيِّينَ.
انْظُر التَّمْهِيد للكلوذاني ١/٣١٦ ومفتاح الْوُصُول للتلمساني ٣١ وَشرح مُخْتَصر الرَّوْضَة ٢/٣٩٩ وَالْبَحْر الْمُحِيط ٢/٤٠٦.
٥ - هَذَا حَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه ١/٥٣٩ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه ٣/٢٤٢ وبوّب لَهُ بقوله: بَاب نفي ثَوَاب الصَّوْم عَن الممسك عَن الطَّعَام وَالشرَاب مَعَ ارتكابه مَا زجر عَنهُ غير الْأكل وَالشرب” وَصَححهُ الألباني فِي صَحِيح التَّرْغِيب والترهيب ٤٥٣.
٦ - هَذِه إِشَارَة للْحَدِيث الْوَارِد فِي ذَلِك وَهُوَ قَول النَّبِي ﷺ “من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ فَلَيْسَ لله حَاجَة فِي أَن يدع طَعَامه وَشَرَابه” رَوَاهُ البُخَارِيّ. انْظُر صَحِيحه مَعَ فتح الْبَارِي ٤/٩٣.
1 / 416