مباحث الأمر التي انتقدها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد (١٢٣)
تصانيف
فعلى هَذَا مَا تميز بِهِ أَحدهَا عَن الآخر لَا يُثَاب عَلَيْهِ ثَوَاب الْوَاجِب١، بِخِلَاف مَا إِذا قيل المتميز وَاجِب على الْبَدَل أَيْضا٢.
أما الْمُطلق فَلم يتَعَرَّض فِيهِ للأعيان المتميزة بِقصد لكنه من ضَرُورَة الْوَاقِع فَهُوَ من بَاب مَا لَا يتم الْوَاجِب إِلَّا بِهِ٣.
وَهُوَ وَإِن قيل هُوَ وَاجِب فَهُوَ وَاجِب فِي الْفِعْل وَهُوَ مُخَيّر فِيهِ، فاختياره لإحدى الْعَينَيْنِ لَا يَجعله وَاجِبا عينا.
_________
١ - قَالَ فِي شرح الْكَوْكَب١/٣٨٣: “إِن كفَّر بهَا كلهَا أَو بِأَكْثَرَ من وَاحِد مرتبَة ... فَالْوَاجِب الأول ... إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ الَّذِي أسقط الْفَرْض وَالَّذِي بعده لم يُصَادف وجوبا فِي الذِّمَّة وَإِن أخرج الْكل مَعًا ... فِي وَقت وَاحِد ... أثيب ثَوَاب وَاجِب على أَعْلَاهَا فَقَط”. وَانْظُر الْقَوَاعِد والفوائد الْأُصُولِيَّة ٦٧ وَنِهَايَة الْوُصُول ٢/٥٢٨ والتمهيد للأسنوي ٨١.
٢ - نُقِل عَن بعض الْمُعْتَزلَة أَنه إِن فعل الْجَمِيع يُثَاب عَلَيْهَا ثَوَاب الْوَاجِب، لَكِن قيل إِن هَذَا مَذْهَب من لَا يعبأ بِهِ مِنْهُم، وَقد نقل بعض الْعلمَاء الِاتِّفَاق على أَنه لَا يُثَاب على الْجَمِيع ثَوَاب الْوَاجِب.
انْظُر الْقَوَاعِد والفوائد الْأُصُولِيَّة ٦٦ وَنِهَايَة الْوُصُول ٢/٥٢٨ و٥٣٢.
٣ - قَالَ شيخ الْإِسْلَام فِي مُوَافقَة صَحِيح الْمَنْقُول لصريح الْمَعْقُول ١/١٢٨: “الْوَاجِب الْمُطلق وَهُوَ الْأَمر بالماهية الْكُلية كالأمر بِإِعْتَاق رَقَبَة مُطلقَة، وَالْمُطلق لَا يُوجد إِلَّا معينا، لَكِن لَا يكون معينا فِي الْعلم وَالْقَصْد، فالآمر لم يقْصد وَاحِدًا بِعَيْنِه مَعَ علمه بِأَنَّهُ لَا يُوجد إِلَّا معينا وَأَن الْمُطلق الْكُلِّي وجوده عِنْد النَّاس فِي الأذهان لَا فِي الْأَعْيَان فَمَا هُوَ مُطلق كلي فِي أذهان النَّاس لَا يُوجد إِلَّا معينا مشخصًا مَخْصُوصًا متميزًا فِي الْأَعْيَان، وَإِنَّمَا سمي كليًا لكَونه فِي الذِّهْن كليًا وَأما الْخَارِج فَلَا يكون فِي الْخَارِج مَا هُوَ كلي أصلا”.
وَسَيَأْتِي بسط مَسْأَلَة مَا لَا يتم الْوَاجِب إِلَّا بِهِ فِي بحث قادم إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
1 / 412