بسم الله الرحمن الرحيم
صفحة ٥٥
الحمد لله المتفرد بالأزلية والدوام، المتوحد بالجلال والاكرام، المتفضل بسوابغ الانعام، المتقدس عن مشابهة الاعراض والأجسام.
وصلى الله على سيد الأنام، محمد المصطفى وعترته الأماجد الكرام.
أما بعد.
فهذا: كتاب مبادئ الوصول إلى علم الأصول، قد اشتمل من علم أصول الفقه على ما لابد منه، واحتوى على ما لا نستغني عنه.
نرجو بوضعه: التقرب إلى الله تعالى، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ورتبته على فصول:
صفحة ٥٦
الفصل الأول في: اللغات وفيه: مباحث
صفحة ٥٧
الأول في: أحكام كلية ذهب جماعة (1): إلى أن اللغات توقيفية (2):
لقوله تعالى: " وعلم آدم الأسماء كلها " [2 / 32]، وقوله تعالى: " واختلاف ألسنتكم " [30 / 23]، والمراد به اللغات (3).
وقال أبو هاشم (4): إنها اصطلاحية (5)، لقوله تعالى:
صفحة ٥٨
" وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه " [14 / 5].
ولا يجب أن يكون لكل معنى لفظ (1)، وإلا لزم عدم تناهي الألفاظ، بل الواجب وضع اللفظ لما تكثر الحاجة إلى التعبير عنه.
والعلم باللغة: واجب، لوجوب معرفة الشرع المتوقف عليها.
والكلام عند المعتزلة (2): هو المنتظم من الحروف المسموعة المتميزة، المتواضع عليها. إذا صدرت عن قادر واحد.
صفحة ٥٩
ويطلق على الجملة المفيدة (1).
البحث الثاني في: تقسيم الألفاظ وهو من وجوه:
أحدها: أن اللفظ إن دل على الزمان المعين بصيغته (2) فهو الفعل، وإلا فهو الاسم إن استقل بالدلالة، وإلا فهو الحرف، الثاني: اللفظ إما مفرد وإما مركب، فالأول ما لا يدل جزوه على جزو معناه حين هو جزؤه كزيد (3)
صفحة ٦٠
والثاني ما يدل (1).
الثالث: اللفظ والمعنى إن اتحدا (2)!! فان منع تصور المعنى من الشركة فهو العلم والمضمر، وإلا فهو المتواطئ إن تساوت أفراده (3) والمشكك إن اختلفت (4).
صفحة ٦١
وإن تكثرا!! فهي الألفاظ المتباينة (1).
وإن تكثر اللفظ خاصة!! فهو المترادفة (2).
وإن تكثر المعنى خاصة!! فإن كان قد وضع أولا لمعنى، ثم استعمل في الثاني، فهو المرتجل إن نقل لا لمناسبة (3). وإن نقل لمناسبة!! فهو المنقول اللغوي (4)، أو العرفي (5)،
صفحة ٦٢
أو الشرعي إن غلب المنقول إليه (1).
وإلا!! فهو حقيقة بالنسبة إلى الأول (2)، ومجاز بالنسبة إلى الثاني. وإن وضع لهما معا (3)، فهو المشترك بالنسبة إليهما معا، والمجمل بالنسبة إلى كل واحد منهما (4).
الرابع: اللفظ المفيد (5).
صفحة ٦٣
إن لم يحتمل غير ما فهم عنه، فهو النص (1).
صفحة ٦٤
وإن احتمل: فإن تساويا فالمجمل، وإلا فالراجح ظاهر (1) والمرجوح مأول (2).
والمشترك بين النص والظاهر هو المحكم (3)، وبين المجمل
صفحة ٦٥
والمأول هو المتشابه (1).
الخامس: الاسم إن دل على الذات، فهو اسم العين (2).
وإلا!! فهو المشتق (3).
صفحة ٦٦
ولابد في الاشتقاق: من اتحاد بين اللفظين (1)، وتناسب في المعنى والتركيب (2).
ولا يشترط بقاء المعنى في صدقه (3).
صفحة ٦٧
البحث الثالث في: المشترك (1) ذهب قوم (2): إلى امتناعه، وهو خطأ (3)، لا مكانه في الحكمة (4).
صفحة ٦٨
ووجوده في اللغة (1). نعم، هو على خلاف الأصل (2)، والا لما حصل التفاهم حالة التخاطب من دون القرينة، ولما استفيد من السمعيات شئ أصلا (3).
ويعلم الاشتراك: بنص أهل اللغة (4)، وبعلامات الحقيقة
صفحة ٦٩
في كلا المعنيين (1).
والأقرب: أنه لا يجوز استعمال اللفظ المشترك، في كلا معنييه، إلا على سبيل المجاز، لأنه غير موضوع للمجموع، من حيث هو مجموع (2).
البحث الرابع في: الحقيقة والمجاز الحقيقة: استعمال اللفظ فيما وضع له، في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب (3).
صفحة ٧٠
والمجاز: استعماله في غير ما وضع له، في أصل تلك المواضعة، للعلاقة.
والحقيقة: لغوية، وعرفية، وشرعية (1).
والحق!! أن الشرعية مجاز لغوي، وإلا لخرج القرآن عن كونه عربيا (2).
صفحة ٧١
واعلم: أن النقل على خلاف الأصل، وإلا لما حصل التفاهم حالة التخاطب، قبل البحث عن التعيين.
ولتوقفه: على الوضع الأول ونسخه والوضع الثاني، فيكون مرجوحا بالنسبة إلى ما يتوقف على الأول خاصة (1).
صفحة ٧٢
وكذلك المجاز: على خلاف الأصل، فيجب الحمل على الحقيقة، ما لم يدل دليل على عدم إرادتها (1).
لان الواضع إنما وضع اللفظ، ليكتفي به في الدلالة على ما وضعه له. وإنما يتم ذلك: بإرادة المعنى الموضوع له اللفظ، عند التجرد عن المعارض.
ولأن المجاز لو ساوى الحقيقة، لما حصل التفاهم عند المخاطبة، كما قلناه أولا.
واعلم: أن المجاز واقع، في القرآن (2) والسنة (3).
صفحة ٧٣
وقد يكون: بالزيادة والنقصان، وبالنقل (1).
ويعلم كون اللفظ حقيقة ومجازا (2): بالنص من أهل اللغة (3) ومبادرة المعنى إلى الذهن في الحقيقة (4)، واستغنائه عن القرينة وبضد ذلك في المجاز، وبتعلقه بما يستحيل تعلقه عليه (5).
وقد يكثر استعمال المجاز وتقل الحقيقة، فتصير الحقيقة، مجازا عرفيا، والمجاز حقيقة عرفية، فيحمل على أحدهما بالقرينة.
صفحة ٧٤