بتعيين حسين خان القاجارى رئيس فرقة الغلمان ومعه فوج موج البحر على هذا الإقليم من أجل طمأنة أهالى قزوين، [ص 29] وفى خلال هذه الأحوال سمع محمد ولى خان القاجارى- الذى كان مكلفا من قبل الخاقان المغفور له بحراسة قلعة مشهد المقدسة الرضوية- بخبر الواقعة الموحشة، فتحرك من هناك، وتشرف بتقبيل الركاب الكسروى المقدس، واعتبر الخاقان الفاتح للبلاد أن قدوم الجنود المظفرين من جملة المؤيدات للإقبال الذى لا زوال له، وتفاءل خيرا وعندئذ أمر بجمع قادة الجيش ومقربى عتبة بلاط زحل، وفتح أبواب الخزائن، وجهز جيشا محاربا شجاعا، وجزم العزم على محاربة الخصم قليل الحزم «1»، وأصدر الأمر حتى ضربوا الخيمة الخارجية والخيمة الكبيرة على طرف الصحراء، وأخذت الراية التى هى فى شكل الأفعى- فى التحرك ناحية قزوين بقصد معاقبة المتمردين وبالقرب من قزوين رتب الميمنة والمسيرة والقلب والجناح والمؤخرة والكمين، ونهض أيضا صادق خان من رأس الشقاق والنفاق فى مواجهة سلطان الأفاق، ووضع الأبطال الرجال من كلا الطرفين أقدام الجرأة فى مضمار الجلادة، واشتعلت نيران الحرب والضرب، ومع أن الجيش الكردى ضغط بقدم الجلادة فى أول وهلة حتى وصلوا إلى تقديم أسباب ولوازم التضحية والفداء، لكنهم وجدوا سيف الشجعان الفولاذى المحطم للعدو أحكم من سد الإسكندر «1»، فارتدت وجوه المشبهين بيأجوج فجأة عن مواجهة الأسود الغادرة، وحمل صادق خان الهزيمة وهرب، وصب غبار الخذلان على رأس السمعة والشرف، وهجم الجيش السلطانى على رأسهم، وخضب أشواك ونباتات صحراء القتال بدمائهم، ومع الأمل بأن إخوته من وجه الجزم والعلم قد استولوا على حصن خوى، وأحكموا حصار تبريز أيضا، وصل إلى سراب حتى يلجأ إليهم وقت الضرورة، ولكن قبل هذه الواقعة، اطلع إخوة حسين خان الدنبلى الصغار على نية إخوة صادق خان، ولما كان حسين خان الدنبلى فى ذلك اليوم فى قزوين، وكان جعفر قلى خان ملتزم الركاب المقترن بالنصر، وكان الفريق الدنبلى منفصلا الواحد عن الآخر منذ وقت تفرق جمع المعسكر الملكى، وكانوا مثل سفينة [ص 30]، بلا ربان، فاجتمعوا، وتقابلوا فى مرند مع إخوة صادق خان وجيوشهم، ومن يمن الحظ المنتصر لملك الملوك المؤيد، ودون أن يحتاجوا إلى ترتيب اليمين واليسار، وبحملة واحدة، أنزلوا بهم الهزيمة الفاحشة، ولم يتباطأ إخوة صادق، وبسرعة كاملة، فروا إلى مقربة من قلعة تبريز، ومسحوا فى سرعة تامة مسافة أربعة عشر فرسخا فى ساعتين، ووصلوا إلى تبريز، ومن المصادفات العجيبة أنه فى اليوم نفسه- الذى كان صادق خان قد فلت فيه عنانه من الجيش المظفر- لقى فيه إخوته أيضا الهزيمة، وارتعدت تبريز بين الحصار لمدة يومين أو ثلاثة كما لو كانت قلبا مضطربا كاالزئبق، والتحق الأخوان وهما فى غاية الاضطراب بصادق خان فى سراب، ولأن حبل جمع الأكراد الشقاقيين ذوى الأصل السيئ قد صار متفسخا، وارتسم شاهد الفتح للخاقان فاتح البلاد، فقبض غلمان الملكية على قتلة الخاقان ساكن الخلد، وأحضروهم إلى الخاقان فاتح البلاد، وبأمر ملكى تمت محاكمتهم. [بيت ترجمته].
لم يمنح الله مطلقا الموت ... وقد كتبه على أولئك العبيد
ونظرا للأخطاء الممنوحة للفلك الدونى وأبو العجائب الفلك المقلوب، كانت قد وقعت أمتعة وأثاث السلطنة من يد قتلة الخاقان ساكن الجنة إلى يد صادق خان، فصدر منشور قضاء العدل من ديوان الخاقان سليمان ذى الخاتم فى صحبة إبراهيم خان عز الدينلو لاسترداد اللألئ الثمينة، وصارت ساحة الخلد المعجزة منطقة" زنجان" منبعا لعين الحيوان ومنبتا للورد والريحان، وكتب صادق خان عذر الشفاعة والاعتراف بالذنب متضرعا فى عريضة إلى بلاط ملجأ العالم، وسلم أمتعة وأثاث السلطنة إلى إبراهيم خان، وبعد قدوم إبراهيم خان إلى الركاب المستطاب، صدر من بلاط صاحب العالم حكم العفو عن جرمه وخطئه، ورشح لحكومة" كرمرود" و" سراب".
وفى أثناء توقف الموكب المظفر فى زنجان وصلت عرائض العبودية المتوائمة من أمراء وحكام آذربيچان، وصارت أحوالهم جميعا مقترنة بالعواطف الملكية الكريمة، وسعد محمد خان الإيروانى-[ص 30] الذى كان فى الركاب المقدس- بحكومة منطقة" تشخور سعد"، وافتخر إسماعيل خان القاجارى فى مرافقته بحراسة قلعة إيروان، ورفعت رأس جعفر قلى خان الدنبلى- الذى كان يصل إلى محل الحضور الباهر النور قبل أقرانه من الفدائيين- بحكومة دار السلطنة تبريز وخوى، وأيضا كلف بمنشور القضاء من المكان نفسه حسين قلى خان عز الدينلو القاجارى من أجل إحضار نعش الخاقان المغفور له من عند إبراهيم خان حاكم قراباغ، وأخذ اللواء المزركش بالنصر فى التحرك من زنجان إلى دار السلطنة طهران، وتوجه نظام الدولة سليمان خان تجاه دار الحدود رشت بهدف تنظيم شئون جيلان.
صفحة ٥٩