265

معارج القبول بشرح سلم الوصول

محقق

عمر بن محمود أبو عمر

الناشر

دار ابن القيم

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

مكان النشر

الدمام

تصانيف

بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُهُ الْجَعْدُ عُلُوًّا كَبِيرًا. ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، رَوَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ١، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ لَهُ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ التَّوَارِيخِ، وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.
وَقَدْ أَخَذَ الْجَعْدُ بِدْعَتَهُ هَذِهِ عَنْ بَيَانِ بْنِ سَمْعَانَ، وَأَخَذَهَا بيان عن طالون ابْنِ أُخْتِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ، وَأَخَذَهَا طَالُوتُ عَنْ خَالِهِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيِّ الَّذِي سَحَرَ النَّبِيَّ ﷺ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ سُورَةَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ٢. ثُمَّ تَقَلَّدَ هَذَا الْمَذْهَبَ الْمَخْذُولَ عَنِ الْجَهْمِ بِشْرُ بْنُ غِيَاثِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ الْمِرِّيسِيُّ الْمُتَكَلِّمُ٣، شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَحَدُ مَنْ أَضَلَّ الْمَأْمُونَ وَجَدَّدَ الْقَوْلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَيُقَالُ إِنَّ أَبَاهُ كَانَ يَهُودِيًّا صَبَّاغًا بِالْكُوفَةِ، وروى عنه أقاول شَنِيعَةٌ فِي الدِّينِ مِنَ التَّجَهُّمِ وَغَيْرِهِ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ. ثُمَّ تَقَلَّدَ عَنْ بِشْرٍ ذَلِكَ الْمَذْهَبَ الْمَلْعُونَ قَاضِي الْمِحْنَةِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُوَادَ٤ وَأَعْلَنَ بِمَذْهَبِ الْجَهْمِيَّةِ وَحَمَلَ السُّلْطَانَ عَلَى امْتِحَانِ النَّاسِ بِالْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ، وَكَانَ بِسَبَبِهِ مَا كَانَ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ مِنَ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْفَالِجِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ حَتَّى أَهْلَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَتَفَاصِيلِهِ فَلْيَقْرَأْ كُتُبَ التَّوَارِيخِ يَرَ الْعَجَبَ.

١ البخاري في خلق أفعال العباد "٣".
وأخرجه البخاري في تاريخه "١/ ١/ ٦٤" وأبو سعيد الدارمي "١٣/ ٣٨٨" والآجري في الشريعة "ص٩٧ و٣٢٨" والبيهقي في سننه "١٠/ ٢٠٥-٢٠٦" وفي الأسماء "ص٢٥٤".
وفي سنده محمد بن حبيب وهو مجهول وعبد الرحمن بن محمد بن حبيب قال عنه ابن حجر: مقبول "إذا توبع وإلا فلين".
٢ سيأتي ذكر حديث سحر النبي ﷺ وبيانه.
٣ انظر ترجمته في تاريخ بغداد "٧/ ٥٦" والميزان "١/ ٣٢٢" والفصل "٣/ ٢٢".
٤ انظر ترجمته في تاريخ الطبري "٩/ ١٩٧" وتاريخ بغداد "٤/ ١٤١ و١٥٦" وفي الميزان ١/ ٩٧ وفي لسان الميزان ١/ ١٧١ وفي سير أعلام النبلاء "١١/ ١٦٩".

1 / 271