معارج القبول بشرح سلم الوصول
محقق
عمر بن محمود أبو عمر
الناشر
دار ابن القيم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
مكان النشر
الدمام
تصانيف
الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ يَقُولُ اللَّهُ ﷿: أَيُؤَمَّلُ غَيْرِي لِلشَّدَائِدِ وَالشَّدَائِدُ بِيَدِي وَأَنَا الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَيُرْجَى غَيْرِي وَيُطْرَقُ بَابُهُ بِالْبُكْرَاتِ وَبِيَدِي مَفَاتِيحُ الْخَزَائِنِ وَبَابِي مَفْتُوحٌ لِمَنْ دَعَانِي، مَنْ ذَا الَّذِي أَمَّلَنِي لِنَائِبَةٍ فَقَطَعْتُ بِهِ. أَوْ مَنْ ذَا الَّذِي رَجَانِي لِعِظَمٍ فَقَطَعْتُ بِهِ، أَوْ مَنْ ذَا الَّذِي طَرَقَ بَابِي فَلَمْ أَفْتَحْهُ لَهُ، أَنَا غَايَةُ الْآمَالِ فَكَيْفَ تَنْقَطِعُ الْآمَالُ دُونِي، أَبَخِيلٌ أَنَا فَيُبَخِّلُنِي عَبْدِي، أَلَيْسَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ وَالْكَرْمُ وَالْفَضْلُ كُلُّهُ لِي فَمَا يَمْنَعُ الْمُؤَمِّلِينَ أَنْ يُؤَمِّلُونِي، لَوْ جَمَعْتُ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ أَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَعْطَيْتُ الْجَمِيعَ وَبَلَّغْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَمَلَهُ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي عُضْوَ ذَرَّةٍ. كَيْفَ يَنْقُصُ مُلْكٌ أَنَا قَيِّمُهُ، فَيَا بُؤْسًا لِلْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَتِي، وَيَا بُؤْسًا لِمَنْ عَصَانِي وَتَوَثَّبَ على محارمي. ا. هـ. وَجَاءَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ النُّزُولِ: "مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ وَلَا ظَلُومٍ" ١.
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا لَوْ أَرَدْنَا اسْتِقْصَاءَهَا لَطَالَ الْفَصْلُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ، فَسُبْحَانَ مَنْ وَسِعَ خَلْقَهُ بِغِنَاهُ، وَافْتَقَرَ كُلُّ شَيْءٍ إِلَيْهِ وَهُوَ الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ ﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [لُقْمَانَ: ١٢] .
[كَلَامُ اللَّهِ ﷿]:
كَلَّمَ مُوسَى عَبْدَهُ تَكْلِيمًا ... وَلَمْ يَزَلْ بِخَلْقِهِ عَلِيمًا
أَيْ: وَمِمَّا أَثْبَتَهُ رَبُّنَا ﷿ لِنَفْسِهِ وَأَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُهُ ﷺ تَكْلِيمُهُ عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ بِدُونِ وَاسِطَةِ رَسُولٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بَلْ أَسْمَعَهُ كَلَامَهُ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ اللَّائِقَةُ بِذَاتِهِ كَمَا شَاءَ وَعَلَى مَا أَرَادَ، قَالَ اللَّهُ ﷿ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٣] وَقَالَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: ١٦٤] فَأَكَّدَهُ بِالْمَصْدَرِ مُبَالَغَةً فِي الْبَيَانِ وَالتَّوْضِيحِ، وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ: لَنْ تَرَانِي
١ مسلم "١/ ٥٢٢/ ح٧٥٨" في صلاة المسافرين، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه رقم "١٧١".
1 / 247