180

معارج القبول بشرح سلم الوصول

محقق

عمر بن محمود أبو عمر

الناشر

دار ابن القيم

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

مكان النشر

الدمام

تصانيف

وَعَنِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: اللَّهُ فِي السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ١. وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَأَطْرَقَ مَالِكٌ وَأَخَذَتْهُ الرُّحَضَاءُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَلَا يُقَالُ كَيْفَ وَكَيْفَ عَنْهُ مَرْفُوعٌ، وَأَنْتَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ أَخْرِجُوهُ. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: الْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالِاسْتِوَاءُ مِنْهُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ ضَالًّا وَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ٢. وَقَالَ سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: وَيْلَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ هَذَا الْأَمْرَ وَاللَّهِ مَا فِي الْحَدِيثِ شَيْءٌ إِلَّا وَفِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ - ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ - ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ - ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ - ﴿وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ - ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ - ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ - ﴿يَا مُوسَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ﴾ فَمَا زَالَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ٣. وَصَحَّ عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا جَحَدَتْ بِهِ الْجَهْمِيَّةُ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ فَهِمْتُ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ فِيمَا تَتَابَعَتْهُ الْجَهْمِيَّةُ فِي صِفَةِ الرَّبِّ الْعَظِيمِ الَّذِي فَاتَتْ عَظَمَتُهُ الْوَصْفَ وَالتَّقْدِيرَ، وَكَلَّتِ الْأَلْسُنُ عَنْ تَفْسِيرِ صِفَتِهِ وَانْحَسَرَتِ الْعُقُولُ دُونَ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ، فَلَمْ تَجِدِ الْعُقُولُ مَسَاغًا فَرَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسِيرَةً، وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِالنَّظَرِ وَالتَّفْكِيرِ فِيمَا خَلَقَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ "كَيْفَ" لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَرَّةً ثُمَّ كَانَ، أَمَّا مَنْ لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ وَلَمْ يَزَلْ وَلَيْسَ لَهُ مِثْلٌ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ. وَسَاقَ فَصْلًا طَوِيلًا فِي هَذَا الْمَعْنَى٤، وَذَكَرَ

١ عبد الله في السنة "ح١١" والآجري "ص٢٨٩" واللالكائي "ح٦٧٣". وإسناده صحيح. ٢ أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية "ح١٠٤" واللالكائي "ح٦٦٤" وأبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف "ح٢٥" وأبو نعيم في الحلية "٦/ ٣٢٥-٣٢٦". وله طرق عدة تنبئ بثبوت هذه القصة عن مالك رحمه الله تعالى ولذلك قال الذهبي: هذا ثابت عن مالك "العلو ص١٠٤". ٣ ذكره الذهبي معلقا في العلو "ص١٠٥" وقال العلامة الألباني: إسناده صحيح "مختصر العلو ص١٤٤". ٤ ذكره الذهبي في العلو "ص١٠٥-١٠٦" وقال: صح عن ابن الماجشون ...

1 / 186