معارج القبول بشرح سلم الوصول
محقق
عمر بن محمود أبو عمر
الناشر
دار ابن القيم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
مكان النشر
الدمام
تصانيف
سِوَاهُ مَخْلُوقٌ وَهُوَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ وَمَا سِوَاهُ مُحْدَثٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ الْآخِرُ الْبَاقِي فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ وَمَا سِوَاهُ فَانٍ، فَلَوْ كَانَتْ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَهُ كَمَا زَعَمُوا لَكَانَتْ مَخْلُوقَةً مَرْبُوبَةً مُحْدَثَةً فَانِيَةً إِذْ كُلُّ مَا سِوَاهُ كَذَلِكَ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
[أَسْمَاءُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ]
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: نِقْمَةُ اللَّهِ عَلَى بِشْرٍ الْمِرِّيسِيِّ وَذَوِيِهِ: بَابُ الْإِيمَانِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، قَالَ: ثُمَّ اعْتَرَضَ الْمُعْتَرِضُ -يَعْنِي ابْنَ الثَّلْجِيِّ- أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُقَدَّسَةَ فَذَهَبَ فِي تَأْوِيلِهَا مَذْهَبَ إِمَامِهِ الْمِرِّيسِيِّ فَادَّعَى أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ وَأَنَّهَا مُسْتَعَارَةٌ مَخْلُوقَةٌ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ شَخْصٌ بِلَا اسْمٍ فَتَسْمِيَتُهُ لَا تَزِيدُ فِي الشَّخْصِ وَلَا تَنْقُصُ يَعْنِي الْخَبِيثُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ مَجْهُولًا كَشَخْصٍ مَجْهُولٍ لَا يُهْتَدَى لِاسْمِهِ وَلَا يُدْرَى مَا هُوَ حَتَّى خَلَقَ الْخَلْقَ فَابْتَدَعُوا لَهُ أَسْمَاءً مِنْ مَخْلُوقِ كَلَامِهِمْ فَأَعَارُوهُ إِيَّاهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ لَهُ اسْمٌ قَبْلَ الْخَلْقِ، قَالَ: وَمَنِ ادَّعَى التَّأْوِيلَ فِي أَسْمَاءِ الْخَلْقِ، قَالَ: وَمَنِ ادَّعَى التَّأْوِيلَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ فَقَدْ نَسَبَ اللَّهَ تَعَالَى إِلَى الْعَجْزِ وَالْوَهْنِ وَالضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ إِلَى الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مُحْتَاجٌ مُضْطَرٌّ وَالْمُعِيرَ أَبَدًا أَعْلَى مِنْهُ وَأَغْنَى فَفِي هَذِهِ الدَّعْوَى اسْتِجْهَالُ الْخَالِقِ إِذْ كَانَ بِزَعْمِهِ هَمَلًا لَا يُدْرَى مَا اسْمُهُ وَاللَّهُ الْمُتَعَالِي عَنْ هَذَا الْوَصْفِ الْمُنَزَّهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ تَحْقِيقُ صِفَاتِهِ سَوَاءٌ عَلَيْكَ قَلْتَ: عَبَدْتُ اللَّهَ أَوْ عَبَدْتُ الرَّحْمَنَ أَوِ الرَّحِيمَ أَوِ الْمَلِكَ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ وَسَوَاءٌ عَلَى الرَّجُلِ قَالَ: كَفَرْتُ بِاللَّهِ أَوْ قَالَ كَفَرْتُ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوْ بِالْخَالِقِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وَسَوَاءٌ عَلَيْكَ قُلْتَ: عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَوْ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَوْ عَبْدُ الْمَجِيدِ وَسَوَاءٌ عَلَيْكَ قَلْتَ: يَا اللَّهُ أَوْ يَا رَحْمَنُ أَوْ يَا رَحِيمُ أَوْ يَا مَالِكُ يَا عَزِيزُ يَا جَبَّارُ بِأَيِّ اسْمٍ دَعَوْتَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ أَوْ أَضَفْتَهُ إِلَيْهِ فَإِنَّمَا تَدْعُو اللَّهَ نَفْسَهُ مَنْ شَكَّ فِيهِ فَقَدْ كَفَرَ وَسَوَاءٌ عَلَيْكَ قَلْتَ رَبِّيَ اللَّهُ أَوْ رَبِّيَ الرَّحْمَنُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [الصف: ١٨] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [الصَّفِّ: ١] وَقَالَ: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الْأَحْزَابِ: ٤٢] كَذَلِكَ قَالَ فِي الِاسْمِ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
1 / 120