إن التحول من أحد هذه التكوينات لآخر يعد قفزة كمية. لو أن للحالة الثانية طاقة أكبر (مستوى أعلى)؛ فالنظام يجب أن يمد من الخارج بالفارق بين الطاقتين على الأقل لجعل الانتقال ممكنا. وعند الانتقال لمستوى أقل يمكن أن يتغير النظام تلقائيا، ببذل فائض الطاقة في صورة إشعاع. (4) الجزيئات
ضمن مجموعة الحالات المنفصلة لأي مجموعة مختارة من الذرات، يجب بالضرورة ألا يكون هناك مستوى أدنى، ولكن من الممكن أن يحدث هذا، مما يعني اقتراب الأنوية بشدة بعضها من بعض. تشكل الذرات في تلك الحالة جزيئا. النقطة التي سنركز عليها هنا هي أن الجزيء سوف يمتلك بالضرورة استقرارا معينا؛ فلا يمكن للتكوين أن يتغير ما لم يتم على الأقل توفير فارق الطاقة، الضروري ل «رفعه» إلى المستوى الأعلى التالي، من الخارج. وهكذا، فإن هذا الفارق في المستوى الذي هو كمية جيدة التحديد، يحدد كميا درجة استقرار الجزيء. سوف يلاحظ كيف أن هذه الحقيقة مرتبطة على نحو وثيق بأسس نظرية الكم؛ أي بانفصالية مخطط المستويات.
أرجو من القارئ أن يعتقد أن هذا النسق من الأفكار قد جرى التحقق منه تماما من خلال الحقائق الكيميائية، وقد ثبت نجاحه في تفسير الحقيقة الأساسية للتكافؤ الكيميائي، والكثير من التفاصيل عن تركيب الجزيئات، وطاقات الارتباط خاصتها، واستقرارها في درجات الحرارة المختلفة، وهكذا. أنا أتحدث عن نظرية هايتلر ولندن التي، كما قلت، لا يمكن أن نعرض لها بالتفصيل هنا. (5) استقرارها معتمد على درجة الحرارة
يجب أن نكتفي بفحص النقطة ذات الأهمية الأساسية لمسألتنا البيولوجية؛ أعني استقرار الجزيء في درجات الحرارة المختلفة. فلننظر في نظام الذرات خاصتنا على أنه فعليا في أقل مستوى من الطاقة. إن الفيزيائي سيقول عنه إنه جزيء في درجة حرارة الصفر المطلق. ولرفعه إلى الحالة أو المستوى التالي الأعلى، هناك احتياج إلى المد بطاقة محددة. وأبسط طريقة لمحاولة القيام بعملية المد هذه هي «تسخين» الجزيء؛ إذ إنك بذلك تنقله إلى بيئة درجة حرارتها أعلى (حمام حراري)، مما يسمح للأنظمة الأخرى (الذرات والجزيئات) أن تؤثر فيه. ومع الوضع في الاعتبار عدم الانتظام الكامل للحركة الحرارية، فإنه لا يوجد حد حراري قاطع عنده سيحدث «الرفع» فورا ويقينا. بدلا من ذلك، فعند أي درجة حرارة (غير الصفر المطلق) توجد فرصة معينة، أصغر أو أكبر، لحدوث عملية الرفع، مع ازدياد الفرصة بالطبع مع ازدياد درجة حرارة الحمام الحراري. وأفضل طريقة للتعبير عن هذه الفرصة هي بالإشارة إلى متوسط الوقت الذي سيكون عليك انتظاره حتى تحدث عملية الرفع، أو ما يطلق عليه «الوقت المتوقع».
من خلال تقص قام به إم بولاني وإي فيجنر، ⋆
فإن «الوقت المتوقع» يعتمد على نحو كبير على النسبة بين الطاقتين، إحداهما هي مجرد الفرق نفسه في الطاقة اللازم لحدوث عملية الرفع (دعنا نرمز لها بالحرف )، والأخرى هي التي تميز شدة الحركة الحرارية عند درجة الحرارة المعنية (دعنا نرمز بالحرف
لدرجة الحرارة المطلقة و
للطاقة المميزة ).
2
من البديهي أن فرصة حدوث عملية الرفع ستكون أقل؛ ومن ثم سيكون الوقت المتوقع أطول، كلما كانت عملية الرفع نفسها تتطلب طاقة عالية مقارنة بمتوسط الطاقة الحرارية؛ أي كلما زادت النسبة بين
صفحة غير معروفة