ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة بالبرهان

أبو المعالي محمود شكري بن عبد الله بن محمد بن أبي الثناء الألوسي ت. 1342 هجري
23

ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة بالبرهان

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الإسلامي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩١هـ- ١٩٧١م

مكان النشر

لبنان

فلاة وَإِن فضل الْعَرْش على الْكُرْسِيّ كفضل الفلاة على تِلْكَ الْحلقَة. (١) وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ سُئِلَ النَّبِي ﷺ عَن قَوْله تَعَالَى ﴿وسع كرسيه السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ قَالَ ﴿كرسيه﴾ مَوضِع قَدَمَيْهِ وَالْعرش لَا يقدر قدره وَقيل هُوَ الْعَرْش نَفسه وَنسب ذَلِك إِلَى الْحسن. وَقيل قدرَة الله تَعَالَى وَقيل تَدْبيره وَقيل ملك من مَلَائكَته وَقيل هُوَ مجَاز عَن الْعلم من تَسْمِيَة الشَّيْء بمكانه لِأَن الْكُرْسِيّ مَكَان الْعَالم الَّذِي فِيهِ الْعلم فَيكون مَكَانا للْعلم بتبعيته لِأَن الْعرض يتبع الْمحل فِي التحيز حَتَّى ذَهَبُوا إِلَى أَنه معنى قيام الْعرض بِالْمحل وَحكي ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَقيل عَن الْملك أخذا من كرْسِي الْملك وَقيل أصل الْكُرْسِيّ مَا يجلس عَلَيْهِ وَلَا يفضل عَن مقْعد الْقَاعِد وَالْكَلَام مسوق على سَبِيل التَّمْثِيل لعظمته تَعَالَى شَأْنه وسعة سُلْطَانه وإحاطة علمه بالأشياء قاطبة فَفِي الْكَلَام اسْتِعَارَة تمثيلية وَلَيْسَ ثمَّة كرْسِي وَلَا قَاعد وَلَا قعُود وَهَذَا الَّذِي أختاره الجم الْغَفِير من الْخلف فِرَارًا من توهم التجسيم وحملوا الْأَحَادِيث الَّتِي ظَاهرهَا حمل الْكُرْسِيّ على الْجِسْم الْمُحِيط على مثل ذَلِك وَلَا سِيمَا الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا ذكر الْقدَم كَمَا قدمنَا وكالحديث الَّذِي أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَغَيره عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ:

(١) رواه ابن جرير، ومحمد بن جعفر ابن أبي شيبة، والبيهقي في " الأسماء والصفات" من طرق عن أبي ذر مرفوعًا، وهو حديث صحيح. وراه ابن أبي شيبة في "العرش" والحاكم في "المستدرك" بسند صحيح موقوفًا، ورواه الضياء في "الأحاديث المختارة"، مرفوعًا وهو غلط كما قال ابن كثير - ن -.

1 / 31