97

ما بعد الأيام

تصانيف

يدخل طه حسين مكتب الوزير أحمد نجيب الهلالي باشا فيجده مشغولا بالحديث بالتليفون، ينهي الوزير الحديث بقوله لمحدثه: «أرجو سرعة إبلاغي بالتطورات»، ثم يقول للدكتور طه ووجهه مكفهر: «أخبار سيئة، باريس سقطت في يد الألمان.»

ويقول الدكتور طه: «باريس؟!»

ويرد الوزير: «نعم، وانتهى الأمر.»

ويقول الدكتور طه بعد صمت قصير: «لا لم ينته، لقد شهدت أنا كيف قاوم الشعب الفرنسي وصمد أثناء الحرب العظمى الأولى، حرب 1914. هذا الشعب يتمتع بحرياته منذ ثورة الباستيل، ولديه إذن ما يدافع عنه، تقول معاليكم إن الأمر انتهى! هل يحكم هتلر العالم إذن؟ هل تحكم العنصرية العالم؟ هل نعيش خدما للسادة الذين يسمون أنفسهم الآن بالآريين؟ ومن هم؟ أهل الهند وأهل إيران القدامى هم أصل الآريين ... ولماذا - تعالى الله - هم السادة ونحن الخدم؟

لا، إن الأمر يا معالي الوزير لم ينته، باريس والديمقراطيات ستقاوم، والعالم سيقاوم.»

ويسأل الوزير: «هل نؤجل موضوع جامعة الإسكندرية اليوم؟»

طه حسين: «لا، ولماذا نؤجله؟ إنني أحمل المشروع المفصل للجامعة الجديدة كما تصورناها معا لتدرسه معاليك على مهل، وقد أرفقت به مشروعات القرارات اللازمة لتنظر فيها وتمضيها إن وافقت. وأنا أستأذن في الانصراف الآن على أن أعود للحديث عندما تجد الفرصة لقراءة المشروع والقرارات في هدوء.» •••

وفي منزل طه حسين بالزمالك ...

يسرع طه حسين إلى زوجته يقول لها: «تبكين؟ سمعت الأخبار إذن؟» وترد سوزان: «باريس تحت قدم الألمان ...»

ويقول طه حسين: «شوارع باريس تحت أقدام الألمان، نعم، ولكن باريس والباريسيين لا، لقد شهدنا معا كيف قاومت فرنسا نفس هؤلاء الغزاة في حرب 1914، تذكرين؟»

صفحة غير معروفة