كانت الديانات النيوليتية في المستوطنات الزراعية الأولى من خلق النساء، وكانت المرأة كاهنة الأم الكبرى وقيمة على طقوسها وشعائرها. وتشير البينات الأركيولوجية إلى أن وظيفة الكهانة كانت وقفا على النساء، رغم عدم إمكاننا أن ننفي تماما وجود كهنة من الذكور.
1
ويغلب الظن، أن بعض الذكور كانوا يلعبون دورا مساعدا لا دورا رئيسيا في المؤسسة الدينية النيوليتية. وقد كان لمكانة المرأة الدينية أثر كبير في دعم مكانتها ونفوذها في المجتمع، وتعزيز موقفها أمام الرجل الذي بقي خاضعا لها ما دامت ممسكة بمفاتيح قوة الغيب، وجعلها لآجال طويلة في موقف المتفوق على قوة الرجل الجسدية، المروض لها.
2
ورغم تمكن الرجل، بعد صراع طويل، من السيطرة على المؤسسة الدينية، ورفع آلهته الذكور الذين أعطوه وظيفة الكهانة، فإن هذه الوظيفة قد استمرت وقفا على النساء في بعض الديانات العشتارية، كما هو الحال في عبادة أرتميس، وديانا، وهستا-فيستا. أما في العبادات العشتارية التي شارك الرجل في مهام كهنوتها فإن شرائعها كانت تقضي بأن يلغي الكاهن ذكورته ويخصي نفسه تشبها بالكاهنات اللواتي احتكرن خدمة الآلهة منذ فجر الديانات. كما كان على الكهان أن يلبسوا ملابس النساء التي تنقل لهم قوى وخصائص الجنس الآخر. هذا وما زالت عادة ارتداء ملابس النساء قائمة لدى الكثير من كهان وعرافي القبائل البدائية الحديثة، الذين يعتقدون بقدرة هذه الملابس على خلق مناخ ملائم للاتصال مع القوى الخفية.
3
وإلى جانب الملابس، احتفظ الكهان الذكور بأسماء نسائية أيضا تشير إلى سيطرة النساء القديمة على الحياة الروحية؛ فلدى بعض القبائل الأفريقية يحمل كبير الكهنة اسم «المرأة القديمة»، ويشار إليه بضمير المؤنث هي.
4
وفي ثقافة الآزتيك في أمريكا الوسطى، نجد إلى جانب الملك مساعدا يحمل اسم «المرأة الأفعى»، وهو موكل بالشئون الدينية.
5
صفحة غير معروفة