تكاد بأن تنقد من دقة الخصر
فزادها في خبر كاد، وهو من المواضع التي لا تدخلها أن إلا شذوذا، فضلا عن إشكال دخولها في هذا الباب من أصله، فما عتم أن زاد هذه الطينة بلة بدخول الباء.
ويقولون: رأيته أكثر من مرة، وجاءني أكثر من واحد، ومقتضاه إثبات الكثرة للمرة وللواحد؛ لأن المفضل عليه في معنى من المعاني لا بد أن يشارك المفضل في ذلك المعنى؛ فقولك: بكر أشرف من خالد يتضمن إثبات الشرف لخالد مع زيادة بكر عليه فيه. والظاهر أن هذا التعبير منقول عن التركيب الإفرنجي، والعرب يستعملون هنا لفظ غير، يقولون: رأيته غير مرة، وجاءني غير واحد؛ لأن غير الواحد لا بد أن يكون اثنين فما فوق.
ويقولون: هنأ القادم بسلامة الوصول، يعنون بوصوله سالما، وهي من العبارات الشائعة التي لا تكاد تخلو منها جريدة، ولا يخفى ما فيها من فاسد التعبير؛ لأن مفادها إثبات السلامة للوصول لا للقادم، والوصول لا يوصف بكونه سالما أو غير سالم.
ويقولون: تخرخ من هذه المدرسة كذا كذا تلميذا، يريدون خرج، ولا يأتي تخرج بهذا المعنى، ولكن يقال: خرجت التلميذ تخريجا إذا أدبته ودربته، فتخرج هو؛ أي: تأدب، وقد تخرج على فلان، وتخرج في مدرسة كذا، وهو خريج فلان.
ويقولون: تعذر عن الأمر؛ أي: امتنع عليه فعله وعجز عنه، والصواب تعذر عليه الأمر.
ويقولون: استلف منه سلفة بالضم؛ أي: اقترض قرضا، وهي من الألفاظ الشائعة عند عامة مصر، ولم يرد استلف في شيء من اللغة، إنما يقال: استسلف منه مالا وتسلف، والاسم السلف بفتحتين، وهو القرض بلا منفعة. وأما السلفة فلم تأت بهذا المعنى.
ويقولون: هذا أمر ذو خطارة، يعنون مصدر الخطير، وإنما يقال في هذا المعنى الخطر والخطورة، ولم يسمع الخطارة.
ويقولون: رغب الشيء وشيء مرغوب، يعدونه بنفسه، والصواب رغب فيه.
ويقولون: طلب الحظوى بهذه النعمة، وسرتني الحظوى بلقاء فلان، والصواب الحظوة بالهاء. ومن هذا قولهم: سرتني رؤياك بالألف أيضا، وإنما الرؤيا في النوم خاصة. وأما في اليقظة فيقال: الرؤية بالهاء، وهي اللغة الفصحى.
صفحة غير معروفة