اللباب في علوم الكتاب

ابن عادل ت. 880 هجري
17

اللباب في علوم الكتاب

وأما فعل اللسان فهو أن يذكر ألفاظا دالة على كونه موصوفا بصفات الكمال [والإجلال].

[وأما فعل الجوارح؛ فهو أن يأتي بأفعال دالة على كون المنعم موصوفا بصفات الكمال والإجلال].

واعلم أن أهل العلم - رحمهم الله - افترقوا في هذا المقام فرقا كثيرة:

فمنهم من قال: إنه لا يجوز عقلا أن يأمر الله عبيده بأن يحمدوه، واحتجوا عليه بوجوه:

الأول: أن ذلك التحميد، إما أن يكون بناء على إنعام وصل إليهم، أو لا بناء عليه، فالأول باطل؛ لأن هذا يقتضي أنه - تعالى - طلب منهم على إنعامه جزاء ومكافأة، وذلك يقدح في كمال الكرم، فإن الكريم إذا أنعم لم يطالب بالمكافأة.

وأما الثاني: فهو إتعاب للغير ابتداء، وذلك يوجب الظلم .

الثاني: قالوا: إن الاشتغال بهذا الحمد متعب للحامد، وغير نافع للمحمود، لأنه كامل لذاته، والكامل [لذاته] يستحيل أن يستكمل بغيره، فثبت أن الاشتغال بهذا التحميد عبث وضرر، فوجب ألا يكون مشروعا.

الثالث: أن معنى الإيجاب: أنه لو لم يفعل لاستحق العذاب، فإيجاب حمد الله تعالى معناه: أنه لو لم تشتغل بهذا الحمد، لعاقبتك، وهذا الحمد لا نفع له في حق الله تبارك وتعالى، فكان معناه أن هذا الفعل لا فائدة فيه لأحد، ولو تركته [لعاقبتك] أبد الآباد، وهذا لا يليق بالحليم الكريم.

والفريق الثاني: قالوا: الاشتغال بحمد الله - تعالى - سوء أدب من وجوه:

الأول: أنه يجري مجرى مقابلة إحسان الله بذلك الشكر القليل.

صفحة غير معروفة