الثاني: أجمعت الأمة على قولهم: " الحمد لله على نعمة الإيمان " ، فلو كان العبد فاعلا للإيمان لكان قولهم: " الحمد لله على نعمة الإيمان "؛ باطلا، فإن حمد الفاعل على ما لا يكون فعلا له باطل قبيح؛ لقوله تعالى:
ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا
[آل عمران: 188].
الثالث: أن قوله تعالى: " الحمد لله " يدل ظاهره على أن كل الحمد لله، وانه ليس لغير الله - تعالى - حمد أصلا، وإنما يكون كل الحمد لله تعالى إذا كان كل النعم من الله تعالى، والإيمان أفضل النعم، فوجب أن يكون الإيمان من الله تعالى.
الرابع: أن قوله: " الحمد لله " مدح منه لنفسه، ومدح النفس قبيح فيما بين الخلق، فلما بدأ كتابه بمدح النفس، دل ذلك على أن حاله بخلاف حال الخلق، وأنه يحسن منه ما يقبح من الخلق، وذلك يدل على أنه - تبارك وتعالى - مقدس عن أن تقاس أفعاله على أفعال العباد.
الخامس: عند المعتزلة أفعاله - تعالى - يجب أن تكون حسنة، ويجب أن تكون لها صفة زائدة على الحسن، وإلا كان عبثا، وذلك في حقه تعالى محال، والزائدة على الحسن إما [أن تكون] واجبة، وإما أن تكون من باب التفضل.
أما الواجب فهو مثل إيصال الثواب، والعوض إلى المكلفين.
وأما الذي يكون من باب التفضل، فهو مثل أنه يزيد على قدر الواجب على سبيل الإحسان.
فنقول: هذا يقدح في كونه - تعالى - مستحقا للحمد، ويبطل صحة قولنا: الحمد لله.
وتقريره أن نقول: أما أداء الواجبات، فإنه لا يفيد استحقاق الحمد، ألا ترى أن من كان له على غيره دين دينار، فأداه، فإنه لا يستحق الحمد، فلو أوجبنا على الله تعالى فعلا، لكان ذلك الفعل مخلصا [له] عن الذم، ولا يوجب استحقاقه للحمد.
صفحة غير معروفة