لباب الآداب
محقق
أحمد محمد شاكر
الناشر
مكتبة السنة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م
مكان النشر
القاهرة
فإِنْ أَنتَ لم تَقدِرْ على أن تهِينَه ... فذَرْهُ إلى اليوم الذي أَنْتَ قادِرُهْ «١»
وقاربْ إذا ما لم تكُنْ لكَ قُدْرَةٌ ... وَصَمم إذا أَيْقَنْتَ أَنكَ فاقِرُهْ «٢»
كتب أرسطاطاليس إلى الإسكندر: «إنك قد أصبحت ملكًا على ذوي جنسك، وأوتيت فضيلة الرئاسة عليهم، فمما تشرف به رئاستك وتزيدها نبلًا-: أن تستصلح العامة، لتكون رأسًا لخيار محمودين، لا لشرارٍ مذمومين. ورئاسة الاغتصاب- وإن كانت تذم لخصالٍ شتى- فإن أول ما فيها [من] «٣» المذمة أنها تحط قدر الرئاسة. وذلك: أن الناس في سلطان الغاصب كالعبيد لا كالأحرار، ورئاسة الأحرار أشرف من رئاسة العبيد، ومن تخير رئاسة العبيد على رئاسة الأحرار كمن تخير رعي البهائم على رعي الناس، وهو يظن أنه قد أصاب وغنم. فحال الغاصب- فيما يركب من الغصب- هذه الحال؛ لأنه يطلب محل الملك وشرفه، وليس شيءٌ أبعد من شرف الملك من الاغتصاب، لأن الغاصب في شكل المولى، والملك في شكل الأب اللطيف. ومما يضع قدر الرئاسة ما كان يصنع ملك فارس: فإنه كان يسمي أباه وكل أحدٍ من رعيته: «عبيدًا» . والرئاسة على الأحرار والأفاضل خير من
1 / 49