الفوائد اللغوية - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
علي بن محمد العمران - نبيل بن نصار السندي
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
[بحث في معنى «أرأيتك»]
قولهم: «أرأيتك» أنها بمعنى أخبرني، فيه نظر. والظاهر أنها على أصلها، بمعنى: أعرفت كذا وكذا؟ والمقصود بها حمل المخاطَب على استحضار ذلك الشيء.
وقد تستعمل في هذا المعنى مع الكاف وبدونه.
فمن الأول: قوله تعالى ــ حكاية عن إبليس ــ: ﴿أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ [الإسراء: ٦٢].
أراد ــ والله أعلم ــ: أعرفته؟ وهو يعلم أن الله ﷿ يعرفه، وإنّما أراد بذلك شِبه ما تريده من صاحب زيد (^١) إذا قلت له: «أرأيتك زيدًا؟ لأقتلنَّه!»؛ تريد من استفهامه التوسل إلى إحضاره في ذهنه أوّلًا حتى تحكم عليه.
ومنه قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأنعام: ٤٠]. المعنى ــ والله أعلم ــ: أعرفتم فرض مجيء عذاب الله أو الساعة؟ أراد: أحضروا هذا الفرض في أذهانكم. ثم قال: ﴿أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ﴾ أي: حينئذ. ففي الآية حذف وتقدير لا يخفى.
ومن الثاني: قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى﴾ [النجم: ١٩]، ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ﴾ [الواقعة: ٥٨]، ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ﴾ [الواقعة: ٦٣]، ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ﴾ [الواقعة: ٦٨]، ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ﴾ [الواقعة: ٧١]. كأنّه قال: أحضروا هذا الشيء في أذهانكم، كما تقدم.
_________
(^١) الكلمتان مطموستان في الأصل، واستظهرتهما هكذا.
24 / 355