الفوائد اللغوية - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
علي بن محمد العمران - نبيل بن نصار السندي
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
قال سعيد بن المسيب لغلامه: لا تكذب عليَّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس (^١).
ويحتمل أن يكون التشبيه في المقدار. ولا يلزم منه أفضلية ولا مساواة. فلو أنّ ملكًا أمرك أن تسأله حاجة، فقلتَ له: أعطني كما أعطيت فلانًا؛ لم يلزم من هذا أنّك تعتقد مساواته لك، وإنّما أردت بيان المقدار. على أنّه لو فرض إشعار ذلك بالمساواة، فلا بدع؛ فقد قال ﵌: "نحن أحقُّ بالشكّ من إبراهيم" (^٢).
وقال له رجل: يا خير البرية. فقال: "ذاك إبراهيم" (^٣). إلى غير ذلك مما بينّاه في مبحث التفضيل بين الأنبياء عليهم وآلهم الصلاة والسلام (^٤).
وأبلغ من هذا: تأدب النبي ﵌ حين أراد أن يربط الشيطان الذي تفلَّت عليه في الصلاة حتى يراه الناس، ثم ذكر دعوة أخيه سليمان: رب ﴿هَبْ لِي (^٥) مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ [ص: ٣٥]، فترك ذلك تأدبًا مع سليمان ــ ﵇ ــ، مع أنّ ربط الشيطان إنّما هو شيء يسير من ملك سليمان، لا يلزم منه مخالفة لدعوته، كما هو ظاهر، ولكنّه ﵌ رأى أنّ مثل هذا ربما يكون فيه إيهام لذلك (^٦).
_________
(^١) انظر "العلل": (٢/ ٧١) للإمام أحمد، و"الثقات": (٥/ ٢٣٠) لابن حبان.
(^٢) أخرجه البخاري (٤٥٣٧)، ومسلم (١٥١) من حديث أبي هريرة ﵁.
(^٣) أخرجه مسلم (٢٣٦٩) من حديث أنسٍ ﵁.
(^٤) انظر التعليق على (ص ٤٠٢).
(^٥) في الأصل: "آتني"، سهو.
(^٦) وانظر في الكلام على هذه الآية ما سبق في الفوائد التفسيرية (ص ٥٩ - ٦٢).
24 / 434