لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
عمان - الأردن
تصانيف
أو: (اللهم ارحمني ولا ترحم أحدًا غيري) بل لكَ أنْ تسأل الهداية لنفسك ولا تَقْصرها عليكَ، فلو قلت: (إيانا اهد) لكان المعنى: اهدنا ولا تهدِ أحدًا سوانا، وهذا لا يصح.
ثم انظر من ناحية أخرى كيف قال: (اهدنا) ولم يقل: (اهدني)؟
وذلك لأكثر من سبب:
منها: أنه مناسبٌ للجمع في قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، "لأنه لما أخبر المتكلم أنه هو ومن معه يعبدون الله ويستعينونه سأل له ولهم الهداية إلى الطريق الواضح، لأنهم بالهداية إليه تَصحُّ منهم العبادة. ألا ترى أن من لم يهتد إلى السبيل الموصلة لمقصوده لا يصح له بلوغ مقصوده".
وجاء في (تفسير الرازي): "كأن العبد يقول: سمعت رسولك يقول: (الجماعة رحمة والفرقة عذاب) فلما أردت تحميدك ذكرت حمد الجميع فقلت: (الحمد لله)، ولما ذكرت العبادة ذكرت عبادة الجميع فقلت: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، ولما ذكرت الاستعانة ذكرت استعانة الجميع فقلت: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فلا جرم لما طلبت الهداية طلبتها للجميع فقلت: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾، ولما طلبت الاقتداء بالصالحين طلبت الاقتداء بالجميع فقلت: ﴿صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾، ولما طلبت الفرار من المردودين فررت من الكل فقلت: ﴿غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضآلين﴾ .
ومنها: "أن الدعاء كلما كان أعم كان إلى الإجابة أقرب".
1 / 56