لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
عمان - الأردن
تصانيف
فَرْدًا﴾ [مريم: ٩٥] وينفرد سبحانه في ذلك اليوم انفرادًا لا خفاء فيه، ولذلك قال سبحانه: ﴿يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار: ١٩] و﴿لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار﴾ [غافر: ١٦] .
واقتران الحمد بهذه الصفات أحسن اقتران وأجمله، فالله محمودٌ بذاته وصفاته، فإن (الله) اسم للذات العلية المتصفة بالصفات العليا، فقولك: (الحمد لله) معناه: أنه المستحقُّ للحمد بذاته وجميع صفاته، وأنه محمودٌ بربوبيته للعالمين، فإن من الأرباب مَنْ لا تُحمَدُ ربوبيته، أما الله سبحانه فهو محمود بكل معاني الربوبية، وهو محمود في كونه رحمانًا رحيمًا، وليست كل رحمة محمودة، فإذا وضعت الرحمة في غير محلها، كانت عيبًا في صاحبها، أما الله فمحمود في رحمته يضعها في محلها، ويكتبها لمستحقيها، ولذلك كان من الناس صنف منعَمًا عليهم وصنف مغضوبًا عليهم.
وهو محمودٌ يوم الدين محمودٌ في مالكيته وملكه لذلك اليوم كله. وقد استغرق هذا الحمد الأزمنة كلها، فقد استغرق الحمد حين كان الله ولم يكن معه شيء وهو قوله: (الحمد لله) . واستغرق الحمد حين خلق العالم وربَّه وأنشأه وذلك قوله: (رب العالمين)، واستغرق الحمد، وقتَ كانت الرحمة تنزلُ وهي لم تنقطع، ولا تنقطع وذلك قوله: (الرحمن الرحيم)، واستغرق الحمد يوم الجزاء كله، ويوم الجزاء لا ينتهي لأن الجزاء لا ينتهي، فأهل الجنة خالدون فيها وأهل النار خالدون فيها. وجزاء كل منهم فيها غير مُنْقَضٍ، فذلك هو يوم الدين.
جاء في "حاشية الجرجاني على الكشاف" في قوله: ﴿مالك يَوْمِ الدين﴾ "فإن الجزاء يتناول جميع أحوال الآخرة إلى السرمد".
1 / 40