لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
عمان - الأردن
تصانيف
وعلى أية حال فإن هؤلاء وضعوا في أموالهم حقًا معلومًا لِمُستحقِّه.
وهذه الآية مرتبطة بقوله تعالى في أصحاب جهنم: ﴿وَجَمَعَ فأوعى﴾ ومرتبطة بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعًا﴾ .
أما ارتباطها بقوله تعالى: ﴿وَجَمَعَ فأوعى﴾ فهو ظاهر، ذلك أن الله وصف أصحاب جهنم بقوله: ﴿تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى * وَجَمَعَ فأوعى﴾، ومعنى جمع فأوعى: أنه جمع المال بعضه على بعض فأوعاه، أي: فجعله في وعاء وكنزه ومنع حَقَّ الله الواجب فيه من مستحقيه. أما هؤلاء المعافَون من النار، فقد جعلوا في أموالهم حقًا معلومًا للسائل والمحروم، فهم لم يمنعوا حق الله، فلم يكونوا ممن أدبر وتولى وجمع فأوعى.
وأما ارتباطها بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعًا﴾، فهو ظاهر أيضًا ذلك أن معنى ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعًا﴾ أنه إذا أصابه الخير والمال والغنى بَخِلَ ومنعَ حقَّ الله تعالى فيه كما ذكرنا. وهؤلاء جعلوا في أموالهم حقًا معلومًا للسائل والمحروم فهم معافَون مستثنَون من صفة الهلع المذكورة؛ بل إنهم مُسْتثنون من صفة الهلع بشقيها: الجزع عند مسِّ الشر والمنع عن مس الخير. ذلك أن قسمًا من البخلاء إذا خرج شيء من مالهم، جزعوا وحزنوا كأنما حلّت بهم مصيبة، وكان المال ألصق بقلوبهم من أي شيءٍ آخر، فهؤلاء الذين جعلوا في أموالهم حقًا معلومًا للسائل والمحروم، لم يجزعوا عند خروج المال منهم ولم يُعقبوه أنفسهم، ولم يمنعوا السائل والمحروم منه؛ فإخراجُ المال إلى الفقراء والمساكين علاجٌ وشفاء لهذا الداء الوبيل.
1 / 159