153

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب

الناشر

دار عمار للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

عمان - الأردن

تصانيف

يصلون. فقال: لا ولكن الذين إذا صلّوا لم يلتفتوا عن يمينٍ ولا شمال". وقد فرق صاحب (الكشاف) بين الدوام والمحافظة على الصلاة، فقال: "فإن قلت: كيف قال: ﴿الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ﴾ ثم ﴿وَالَّذِينَ هُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾؟ قلت: معنى دوامهم عليها: أن يواظبوا على أدائها ولا يخلّون بها، ولا يشتغلون عنها بشيءٍ من الشواغل، كما روي عن النبي ﷺ: "أفضلُ العملِ أدومُه وإنْ قَلَّ".. ومحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها، ومواقيتها ويقيموا أركانها ويكملوها بسننها وآدابها ويحفظوها من الإحباط باقتراف المآثم. فالدوام يرجع إلى أنفس الصلوات والمحافظة على أحوالها". وهذه الآية مرتبطة بقوله تعالى قبل هذه الآيات في صفة جهنم: ﴿تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى﴾ ومرتبطة بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعًا﴾ . أما ارتباطها بقوله: ﴿تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى﴾ فهو واضح، فإن ذلك الذي تدعوه جهنم، قد أدبر عن الطاعةِ وتولَّى عن الحق، وهذا مُقْبِلٌ على الطاعة، مواظب عليها، لا يلتفت عنها، فهو ناجٍ من عذاب جهنم. ثم انظر إلى قوله تعالى: ﴿تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى﴾ فقد ذكر أمرًا ووكَّده فقال: ﴿تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى﴾ وقابله بقوله: ﴿إِلاَّ المصلين﴾ . وقال: (وتولى) وهو توكيد للإدبار والانصراف عن الطاعة، وقابله بقوله: ﴿الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ﴾ أي: مقبلون على الطاعة مستمرون عليها. فهو مرتبط بها أحسن ارتباط. وهذا الصنف مقابلٌ لأولئك المُدْبرين العُصاة.

1 / 157