لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
عمان - الأردن
تصانيف
ومن ذلك أن: (أحمد الله)، جملة فعلية، و﴿الحمد للَّهِ﴾ جملة اسمية، والجملة الفعلية دالة على الحدوث والتجدد، في حين أن الجملة الاسمية دالة على الثبوت، كما هو معلوم، وهي أقوى وأدوم من الفعلية، فقولك: (متبصّر)، أقوى وأثبت من: (يتبصّر)، و: (مثقف)، أقوى وأثبت من: (يتثقف)، و: (متدرب) أقوى وأثبت من: (يتدرب)، فاختيار الجملة الاسمية أوْلى من اختيار الجملة الفعلية ههنا، إذ هو أدلُّ على ثبات الحمد واستمراره.
ومنها: "أن قولنا: ﴿الحمد للَّهِ﴾ معناه: أن الحمد والثناء حقٌّ لله وملكه فإنه تعالى، هو المستحق للحمد بسبب كثرة أياديه وأنواع آلائه على العباد. فقولنا: ﴿الحمد للَّهِ﴾ معناه: إن الحمد لله حقٌّ يستحقه لذاته ولو قال: (أحمد الله) لم يدلّ ذلك على كونه مستحقًا للحمد لذاته. ومعلوم أنَّ اللفظ الدال على كونه مستحقًا للحمد أولى من اللفظ الدال على أن شخصًا واحدًا حمده".
ومنها: "أن الحمدَ عبارة عن صفة القلب، وهي اعتقاد كون ذلك المحمود مُتفضِّلًا منعمًا مستحقًا للتعظيم والإجلال. فإذا تَلفَّظَ الإنسانُ بقوله: (أحمدُ الله)، مع أنه كان قلبه غافلًا عن معنى التعظيم اللائقِ بجلال الله، كان كاذبًا لأنه أخبر عن نفسه بكونه حامدًا مع أنه ليس كذلك. أما إذا قال: الحمد لله، سواء كان غافلًا أو مستحضرًا لمعنى التعظيم، فإنه يكونُ صادقًا لأن معناه: أن الحمد حقٌّ لله، وملكه، وهذا المعنى حاصل سواء كان العبد مشتغلًا بمعنى التعظيم والإجلال، أو لم يكن. فثبت أن قوله: ﴿الحمد للَّهِ﴾ أَوْلى من قوله: أحمد الله. ونظيره قولنا: (لا إله إلا الله)، فإنه لا يَدْخلُه التكذيبُ بخلاف قولنا: (أشهدُ أن لا إله إلا الله)، لأنه قد
1 / 15