صلى الله عليه وسلم
بلغ من الإصلاح ما لم يبلغا أدناه، مع اعتقادم الكثير أن مذهبهما كان فجر أنوار أوروبا.
4
والحق الذي لا يرتاب فيه أن النصرانية نفسها لم تكن هي المسئولة عن جهالة الإفرنج المسيحيين مدة ألف سنة في القرون الوسطى، بل للمسيحية الفضل في تهذيب برابرة أوروبا.
وهؤلاء اليابانيون هم وثنيون، ومنهم من هم على مذهب بوذا، ومنهم من يقال لهم: طاويون ، وكثيرون منهم يتبعون الحكيم الصيني كنفوشيوس، ولقد مضى عليهم نحو ألفي سنة ولم تكن لهم هذه المدنية الباهرة ولا هذه القوة والمكانة بين الأمم، ثم نهض اليابان من نحو ستين سنة وترقوا وعزوا وغلظ أمرهم، وعلا قدرهم، وصاروا إلى ما صاروا إليه ولم يبرحوا وثنيين.
فلا كانت الوثنية إذا سبب تأخرهم الماضي ولا هي سبب تقدمهم الحاضر، وقد تفاوت اليابان والروسيا وتحاربتا فتغلبت اليابان على روسيا؛ مع أن اليابانيين في العدد هم نصف الروس، ولكن مما لا شك فيه أن اليابانيين أرقى من الروس، والحال أن روسية عريقة في النصرانية، واليابان عريقة في الوثنية.
فليترك إذا بعض الناس جعل الأديان هي المعيار للتأخر والتقدم.
5
أفنقول من أجل هذا المثال: إن الإنجيل هو الذي أخر روسيا عن درجة اليابان، وإن عبادة الآلهة ابنة الشمس هي التي جذبت بضبع اليابان حتى سبقت روسيا؟!
إن لهذه الحوادث أسبابا وعوامل متراكمة ترجع إلى أصول شتى، فإذا تراكمت هذه العوامل في خير أو شر تغلبت على تأثير الأديان والعقائد، وأصبحت فضائل أقوم الأديان عاجزة بإزاء شرها، كما أصبحت معايب أسخفها غير مؤثرة في جانب خيرها.
صفحة غير معروفة