نور الإيمان وظلمات النفاق في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الآخرة، وأما الكافر فيُطعم بحسناتِ ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يُجزى بها» (١).
سادسًا: إن جميع الأعمال والأقوال إنما تصح وتكمل بحسب ما يقوم بقلب صاحبها؛ من الإيمان والإخلاص، قال الله ﷿: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾ (٢)، أي لا يُجحد سعيه، ولا يضيع عمله، بل يُضاعف بحسب قوة إيمانه، وقال ﷿: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا﴾ (٣)، والسعي للآخرة، هو العمل بكل ما يقرب إليها من الأعمال التي شرعها الله على لسان نبيه محمد ﷺ.
سابعًا: صاحب الإيمان يهديه الله إلى الصراط المستقيم، ويهديه في الصراط المستقيم إلى علم الحقّ، والعمل به، وإلى تلقّي المحابّ والمسارّ بالشكر، وتلقّي المكاره والمصائب بالرّضا والصّبر، قال الله ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ﴾ (٤)، قال الإمام ابن كثير ﵀: «يُحتمل أن تكون الباء هنا سببية، فتقديره: أي بحسب إيمانهم في الدنيا، يهديهم الله يوم القيامة على الصراط المستقيم، حتى يجوزوه، ويخلصوا إلى الجنة، ويُحتمل أن تكون للاستعانة»، كما قال
_________
(١) مسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة، وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا، ٤/ ٢١٦٢، برقم ٢٨٠٨.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ٩٤.
(٣) سورة الإسراء، الآية: ١٩.
(٤) سورة يونس، الآية: ٩، وانظر: سورة الحج، الآية: ٥٤، وانظر: التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، للسعدي، ص٧٠.
1 / 16