232

حياة محمد ورسالته

الناشر

دار العلم للملايين

الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٠ هـ

مكان النشر

بيروت

تصانيف

وبينا أنزلت الوفود الأخرى في بيوت عدد من المسلمين، أجيز لهذا الوفد أن ينزل في مسجد الرسول، حيث سمح لأفراده أيضا أن يؤدوا صلواتهم وفقا لطقوس دينهم. ودعي هؤلاء إلى الاسلام، ولكنهم كانوا راغبين في شيء من النقاش. حتى إذا رفضوا الحجج الواضحة السليمة التي قدّمت اليهم دعاهم الرسول إلى ما يعرف في المصطلح الاسلامي بالمباهلة. وقوام المباهلة التماس القرار الالهي- من طريق الصلاة- بعد أن يخفق الجدل في حسم مسألة من مسائل الخلاف الديني.
وهكذا اتفق الفريقان على الدعاء إلى الله أن ينزل بلاء سماويا ما على الفريق المخطئ لكي يكون في ذلك تحذير للآخرين. ولكن زعماء النصارى كانوا قد أدركوا صدق الاسلام. من أجل ذلك لم يقبلوا تحدّي الرسول لاجراء تلك المباهلة، ولم يرغبوا في الوقت نفسه في التخلّي عن عقيدتهم. وأخيرا انقلبوا إلى قومهم، بعد أن عقدوا اتفاقا مع الرسول. (وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله: «الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ. إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ، وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ. قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضًا أَرْبابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.» *
وفي السنة العاشرة للهجرة زارت الرسول وفود من قبائل يمانية أخرى

(*) السورة ٣، الآيات ٦٠- ٦٤.

1 / 236