137

دروس الشيخ محمد الدويش

تصانيف

الاهتمام بما ينفع السؤال بعض الشباب يكون متحمسًا لقضية ومجال من المجالات التي لا تعود عليه بخير، فإذا نصحتهم ووجهتهم قال: (كل ميسر لما خلق له)، فلو كان الناس كلهم شيوخًا أو علماء أو حكامًا لما كانت الحياة لها طعم؟ الجواب صحيح أن مبدأ التخصص وارد، وكل إنسان له مجال وتخصص معين، فهذه مفروغ منها، لكن يجب ألا نفرط في هذه القضية فتكون على حساب غيرها، فمثلًا: بعض الشباب قد يكون نشيطًا في دعوة الشباب المنحرفين، ويقضي في ذلك وقتًا ويبذل جهدًا، وهذا جهد طيب وخير، فإذا قلت له: يا أخي! احفظ القرآن، قال لك: لا يا أخي! أنا أجد نفسي متوجهًا لهذا المجال، وإذا قلت له: بالعلم الشرعي، قال لك: لا أنا متوجه لهذا المجال، والتخصص وارد. فنقول له: صحيح أن التخصص وارد، لكن أيضًا مع التخصص يجب أن يكون هناك توازن، فهناك قدر مشترك يجب أن يحصله الجميع، ثم بعد ذلك يبقى أن فلانًا يركز على هذا الجانب، وفلانًا يركز على الجانب الآخر، لكن هذا التخصص لا يصح أن يدعونا إلى أن نفرط في جوانب مهمة. فمثلًا: كم نسمع ممن يزهد في العلم الشرعي؛ بحجة أن التخصص وارد، والناس ما هم كلهم علماء، صحيح أن الناس ما هم كلهم علماء؛ لكن ليس كل من يطلب العلم الشرعي سيكون عالمًا. فنريد منك أن تأتي بالعلم الشرعي، وتطلب العلم الذي على الأقل يرفعك إلى أن تحسن عبادتك، وتدعو الناس من خلال هذا العلم، ويضبط لك كثير من الأمور، ثم بعد ذلك توسع في غيره، فاعتني بحفظ القرآن، ولو لم تكمل حفظ القرآن كله، لكن على الأقل تحفظ جزءًا من القرآن، وهكذا. فلا يصح أن نخلط بين قضية التخصص وبين قضية الخلل في التخصص، فالتخصص مطلوب؛ لكن أيضًا ينبغي ألا يدعونا هذا إلى التركيز على جانب على حساب الجوانب الأخرى، فيكون الإنسان عنده خلل في شخصيته.

4 / 33