143

دروس الشيخ أحمد فريد

تصانيف

نصيحة المؤمنين لقارون بإنفاق المال في مرضاة الله وعدم الفساد في الأرض قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [القصص:٧٧]. لما نصح المؤمنون قارون بأن يبتغي فيما آتاه الله الدار الآخرة، وأن يحسن في ماله، نصحوه بعموم الإحسان في كل شيء، الإحسان في عبادته لله ﷿، والإحسان إلى والديه، والإحسان إلى جيرانه، والإحسان إلى جميع الخلق: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [القصص:٧٧]. ثم نهوه عن البغي والفساد في الأرض: ﴿وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص:٧٧]. فكانت نصيحة جامعة مانعة عباد الله، فما كان رد قارون الذي أعماه ماله، قال: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص:٧٨]. أي: أنه نسب النعمة إلى نفسه، أو لعله قال: إن الله ﷿ أعطاني هذه النعمة. لعلمه بشرفي وكرامتي، ولأني أستحق هذه النعمة؛ ولذلك قال الله ﷿: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا﴾ [القصص:٧٨]. أي: أن الله ﷿ أهلك من هو أشد قوة منه وأكثر مالًا منه، فلو كان إعطاء المال والنعمة، وإعطاء الجاه والسلطان علامة على رضا الله ﷿، فكيف أهلك الله ﷿ من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعًا: ﴿وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص:٧٨]. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

17 / 4