180

دروس للشيخ ياسر برهامي

تصانيف

الحكمة في ابتلاء المؤمنين
وإن قتل من قتل من المسلمين فذلك لكي ينالوا المنازل العالية الرفيعة، ولينالوا الشهادة عند الله، فالله يريد أن يتخذ شهداء يضحون بأنفسهم في سبيل الله، وهو ﷾ يريد تمحيص المؤمنين، ويريد إظهار النفاق، يريد أن ينجم ويظهر لكيلا يبقى عند الناس شبهة، ويظهر في الناس معسكر إيمان لا نفاق فيه، ومعسكر نفاق لا إيمان فيه، لكي يقدم من يقدم على نصرة الكفر وأهله على بينة، ولكي يحيا من حي بالإسلام على بينة، ويهلك من هلك عن بينة، فالله ﷾ عليم حكيم له الحمد، وما يقدره من أمور تكرهها النفوس فإنه يجعل من ورائها خيرًا كثيرًا، (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [النساء:١٩].
وقال ﷾: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:٢١٦].
إنَّ الله سبحانه جعل عاقبة الكفار أن يُغلبوا «وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ» فلماذا قدر الله ذلك؟ ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا﴾ [الأنفال:٣٧ - ٣٨] أي: إلى الكفر والظلم والعدوان ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال:٣٨].

15 / 14