دروس للشيخ نبيل العوضي

نبيل العوضي ت. غير معلوم
81

دروس للشيخ نبيل العوضي

تصانيف

عودة إلى عبادة ثابت البناني انظر إلى جعفر بن سليمان يروي عن ثابت البناني الذي كادت عيناه أن تذهبا، اسمع إليه حين قرأ قول الله جلَّ وعلا: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ [الهمزة:١ - ٧] يقول: تأكله إلى فؤاده وهو حينئذٍ، هكذا يبلغ بهم العذاب ثم انفجر بالبكاء، وأبكى الذين حوله جميعًا، أخذ يتفكر بأنه لا يموت يصل النار إلى القلب، تأكل النار قلبه وهو حي يشعر بالنار ولا يموت: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء:٥٦]. ما طريق هذه النار يا عبد الله؟! بداية هذه النار: الشهوات نظر إلى امرأة استماع للأغاني نوم عن الصلاة أكل الربا ظلم الناس الغيبة والنميمة الاستهزاء على خلق الله جل وعلا أكل الحرام استماع الحرام، هذه هي بداية النار، هذه أبوابها. لا تقل: أنا -الحمد لله- أقول: لا إله إلا الله، اعلم أن ممن يقول: لا إله إلا الله تصيبه النار، ومنهم من يمكث في النار سنين طويلة، ينسى ثم يخرج من النار كل موحد. يا عبد الله! الأمر ليس بهين، يؤتى في النار إلى الرأس والأقدام ثم تلصقان فينكسر ظهره: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ [الرحمن:٤١] يؤخذ برأسه وقدمه فيكسر ظهره ثم يرمى في النار، هل تخيلت هذا يا عبد الله؟! يأكل طعامًا فيغص به فلا يستطيع بلعه ولا إخراجه يأكل الشوك من شدة الجوع! يقول بعض السلف: إن الجوع في النار مثل عذاب النار، إذا سال فروج الزواني تسابق أهل النار ليأكلوها من شدة الجوع: ﴿يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ [إبراهيم:١٧]. عبد الله! هذه هي النار، يجوع أهل النار فيأكلون طعامًا ذا غصة لا يستطيع أن يخرجه ولا يبتلعه، فيستغيث بالماء فيأتيه ماء، قال تعالى عنهم: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾ [الكهف:٢٩] يؤتى بماء كالمهل فعندما يقرب رأسه ليشرب تسقط فروة رأسه قبل أن يشرب، فإن شرب تقطعت الأمعاء، وخرج الماء من دبره: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾ [الكهف:٢٩]. ثم تأتي فتسألني: لمَ كل هذا القيام؟ ولم هذا الصيام؟ ولمَ كثرة قراءة القرآن؟ ولمَ كانوا يبكون؟ لعلك عرفت لمَ كل ذلك، إذا عرفت فانتبه، واستقم على طاعة الله.

4 / 17