الحكمة من زواجه ﵊ بمارية القبطية
السؤال
لماذا تزوج ﷺ مارية القبطية مع توفر زوجات عنده في ذلك الوقت؟ وهل هناك سبب شرعي أو تفسير لعدم إعتاق الرسول ﷺ لها وتزوجها؟
الجواب
هذا السؤال يتضمن سؤالين: السؤال الأول: لماذا تزوج الرسول ﵇ مارية القبطية مع توفر زوجات عنده في ذلك الوقت؟ أقول بكل صراحة: لا أدري لماذا تزوجها، وإنما أدري يقينًا أنه فعل ما أباح الله له، فقد أباح الله له أن يتزوج ما شاء من النساء، أما لماذا تزوج المرأة الفلانية بالذات؟ فلا أدري ما هو السر، لكن أدري يقينًا أنه تزوجها لصالحها لا للإضرار بها، ولإحصانها لا لإفسادها إلى غير ذلك من المسائل التي لا نقدر الإحاطة بها، ولبعض الكتاب الإسلاميين كتابات لا بأس بها في تعليل أو فلسفة تزوج الرسول ﵊ بنسائه الكثيرات، ويبينون ويعللون كل واحدة لماذا تزوجها فأم سلمة تزوجها لأن زوجها مات عنها، وخلف لها صبية، فتزوجها ليكون وليًا على هؤلاء الأولاد، وأن يقوم بتربيتهم والإنفاق عليهم، ونحو ذلك، وهذه السيدة عائشة تزوجها لأنها بنت صاحبه في الغار، وهذه حفصة.
إلخ.
فلكل زوجة أسباب وجيهة تزوجها الرسول ﵊ من أجلها، لكن الأمر أوسع من ذلك، بحيث لا يستطيع الإنسان أن يحيط بهذه الأسرار وبالحكم التي من أجلها تزوج الرسول ﵇ بمن تزوج به منهن من النساء.
أما الشطر الثاني من السؤال وهو قوله: هل هناك سبب شرعي لعدم إعتاق الرسول ﷺ لها وتزوجها؟ كأن السائل يقول: لماذا رسول الله ﷺ لم يفعل بزوجته مارية القبطية كما فعل بزوجته صفية؟ فـ صفية من الثابت أنه ﵇ أعتقها، وجعل عتقها صداقها، وهي في صحيح البخاري ومسلم، والسائل يقول: هل هناك سبب يوضح ويبين لماذا لم يعاملها معاملته ﵇ لـ صفية؟ لماذا لم يعتقها ويجعل عتقها صداقها؟ أقول أيضًا: لا أدري، ولكن من الأسباب الواضحة أن في ذلك بيانًا لجواز التزوج بالأمة التي ليست بحرة، وأنه لا يجب على الحر أن يعتق الأمة إذا أراد أن يتزوجها، وإنما ذلك من فضائل الأعمال، فقد جمع الرسول ﵊ حينما تزوج صفية وجعل عتقها صداقها، وحينما تزوج مارية القبطية على بقائها في رقها، قد جمع الرسول ﵊ بهذين النقيضين بين بيان ما هو الأفضل، وبين بيان ما هو أمر جائز، هذا الذي يبدو لي من الإجابة على هذا السؤال.
4 / 9