274

دروس للشيخ عبد الرحمن السديس

تصانيف

مسئولية كل مسلم
إن مسئولية النهوض بالأمة من كبوتها، وإيقاضها من غفلتها، مسئولية كل من قال ربي الله وحمل رسالة الإسلام، وإن المسئولية تتضاعف وتتجاسم على حسب قوة الإنسان وعمله، وعلى حسب مكانته ومنصبه وجاهه، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، وأروا دينكم دفاعًا، وأروه التزامًا بمنهجه، وخذوا من هذه المواسم فرصة للانطلاقة والتوبة، واختموا أعمالكم بالاستغفار والتوبة، يقول سبحانه: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة:٢٠٠] وقال سبحانه: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة:١٩٨] إلى قوله سبحانه ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة:١٩٩] ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة:٢٠٠] الآية.
فهي فرصة أن نتوب إلى الله في هذه السويعات القليلة، وأن نأخذها عهدًا على أنفسنا، وتوبة إلى ربنا، إن كنا صادقين في معاهدتنا، فوالله لا خير في كثرة الكلام، ولا خير في المحاضرات والندوات إن لم تكن حافزًا على العمل، وإن لم تكن منطلقًا للتمكين، والدعوة إلى الله جل وعلا، واتباع ذلك بالعمل.
أما الكلام فقد عرفه الجميع، وقد قامت الحجة فيجب علينا أن نعمل، وإلى متى يظل المسلمون على أحوالهم؟ وإلى متى ينسحب الغيورون؟ وإلى متى يحوقل المحوقلون؟ إننا مع ذلك بحاجة إلى الانتفاضة والعمل، بحاجة إلى تقوى الله جل وعلا والصدق مع الله سبحانه، والإخلاص لدينه وشرعه، فوالله إن هذه لرسالة عظيمة يجب على كل مسلم أن يعمل بها.
أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يجعل حجنا مبرورًا، وسعينا مشكورًا، وذنبنا مغفورًا، وعملنا صالحًا مقبولًا، وأن يجعل الجميع من التائبين الهداة المهتدين المقبلين على ربهم طيلة حياتهم، الذين كتب الله لهم الخير، وكتب لهم الهداية، وكتب لهم بمنه وكرمه رحمته وجنته وما ذلك عليه جل وعلا بعزيز.
ونسأله تعالى أن يجعل السامعين جميعًا من المنتفعين، وأن يجعلنا من العاملين بما نسمع، وأن يجعل كلامنا حجة لنا لا علينا، وأن يجعل للأمة الإسلامية من هذه المواسم المباركة انطلاقة وتوبة إلى الله ورجوعًا إليه جل في علاه.
ونسأله تعالى أن يختم للجميع بخاتمة القبول والمغفرة والرحمة، وأن يجعلنا جميعًا ممن تقبل حجهم، وممن رجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم، وممن قال فيهم النبي ﷺ: ﴿من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه﴾.
وأن يهيئ لأمة الإسلام من أمرها رشدًا، وأن يصلح قادتها ويوفقهم للبطانة الصالحة، ويوفقهم للحكم بشريعته والسير على سنة نبيه ﷺ، وأن يوفق العلماء لبيان الحق والدعوة إليه، وأن يوفق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر -وكلنا يجب أن نكون كذلك- لمضاعفة الجهد وحث الخطى وتقديم الخير لهذه الأمة، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

37 / 13