مفهوم العبادة
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فقد ندب الله عباده إلى التوحيد بحقه، والدعوة إلى سبيله، وأرسل الرسل لذلك، وأوجب على الأمة التعلم والتفقه في الدين، قال جل وعلا: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات:٥٥]، وقال سبحانه: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ﴾ [الغاشية:٢١]، فالرسل عليهم الصلاة والسلام بعثهم الله مبشرين ومنذرين ومذكرين بحقه، والدعوة إليه، والتحذير مما يغضبه ﷾، والعلماء خلفاؤهم في الدعوة إليه والتبصير بحقه، والإرشاد إلى أسباب النجاة، والتحذير من أسباب الهلاك.
والله ﷿ خلق الخلق ليعبدوه، وأرسل الرسل لبيان العبادة، وإيضاح أنواعها وأحكامها والدعوة إلى ذلك، كما قال الله ﷿: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦]، فقد خلقهم الله ليعبدوه، وأرسل الرسل لهذا الأمر للدعوة إلى العبادة، وتفسيرها وإيضاحها، والأمر بالتزامها، كما قال الله ﷿: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:٣٦] .
وكلمتي الآن في بيان العبادة وأثرها في الفرد والمجتمع، فالعبادة هي حق الله على عباده من أولهم إلى آخرهم، ولها خلقوا وبها أمروا، يقول ﷿: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات:٥٦-٥٨]، ويقول سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:٢١]، وهناك آيات كثيرات، منها قوله سبحانه: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء:٣٦]، ومنها قوله ﷿: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة:٥]، ومنها قوله سبحانه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء:٢٣]، ومنها قوله ﷿: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر:٢-٣] .
6 / 2