محاضرات في النصرانية
الناشر
دار الفكر العربي
رقم الإصدار
الثالثة ١٣٨١ هـ
سنة النشر
١٩٦٦ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
بيسر وسهولة، بل لا يستطيع أن يستسيغه قط، إذ كيف يتحول الخبز لحمًا، وكيف يصير لحد شخص معين معروف. وكيف يتحول الخمر دمًا. وتصير دم شخص معين معروف؟ ذلك غريب. بل مستحيل التصور والقبول في العقل، ولكن الكنيسة فرضت على الناس قبوله ومنعتهم من مناقشته، وإلا عرضوا للطرد والحرمان. وهل ورد هذا الأمر في الكتب المقدسة، حتى يجب الأخذ به من غير تفسير أو تأويل. إنه أمر استقلت به الكنيسة وأعلنته وأبدته في أحد مجامعها، غير معتمدة في ذلك على نص صريح من الكتب المقدسة عندهم.
ولقد خالفت في بعض شأنه الكنيسة الكاثوليكية غيرها من الكنائس، فالكنيسة الشرقية ترى أن العشاء الرباني لا يكون بالفطير، بينما تراه الكنيسة اللاتينية، ووجد من أحرار الفكر من ينكرون هذه الاستحالة، ويعتقدون أنها غير ممكنة في العقل ولا سائغة في الفكر.
١١٥- أما المسألة الثانية فهي مسألة امتلاك الكنيسة حق الغفران للمسيء في الدنيا، فقد قررته الكنيسة حقًا لنفسها في المجمع الثاني عشر أيضًا.
وقد جاء في كتاب تاريخ الكنيسة في بيان قرار المجمع في هذا الشأن: "أنهى المجمع تعليمه فيما يتعلق بأمر الغفران فقال: "أن يسوع المسيح ما كان قد قلد الكنيسة سلطان منح الغفرانات. وقد استعملت الكنيسة هذا السلطان الذي نالته من العلا منذ الأيام الأولى، قد أعلم المجتمع المقدس، وأمر بأن تحفظ للكنيسة في الكنيسة هذه العملية الخلاصية للشعب المسيحي، المثبتة بسلطان المجامع".
ثم ضرب بسيف الحرمان من يزعمون أن الغفرانات غير مفيدة، أو ينكرون على الكميسة سلطان منحها، غير إنه قد رغب في أن يستعمل هذا السلطان باعتدال واحتراز حسب العادة المحفوظة قديمًا، والمثبتة في الكنيسة، لئلا يمس التهذيب الكنسي تراخ بفرط التساهل.
إفراط الكنيسة في استعمال حق الغفران:
هذا قرار المجمع، وفيه تمكين للكنيسة من سلطان قوي جبار، وهو سلطان مسح الذنوب، وغفرانها مهما يكن مقدارها، ومهما تكن
1 / 171