ثم راجعا إلى الثلاثة: تضربون رجل السلطان يا أوغاد! لكل قوي من هو أقوى منه وأفتك، وسوف تنالون الجزاء الحق.
وغادر المقهى مصفر الوجه من الغضب، في خطى متقاربة سريعة، مخلفا وراءه عاصفة من الضحك .. ولكن تجمدت أوجه الرجال الثلاثة، ثم اجتاحهم الخوف والغضب .. ألهبوا عجر بنظرات حاقدة وهمس حسن العطار: وغد محتال، أرجع النقود وافسخ العقد.
وقال جليل البزاز: أرجع النقود وإلا هشمنا عظامك .
قال عجر: حسبته أول الأمر ميتا والله شهيد.
قال حسن: ثم انقلبت مجرما محتالا، النقود والفسخ.
قال باستقتال: احذروا الفضيحة، سيذاع سر السكر والعربدة والعدوان، خير من ذلك أن تسترضوا الأحدب قبل أن يرفع شكواه إلى مولاه، أما ما أعطيتم من مال فاعتبروه تكفيرا عن آثام حياتكم. - الويل لك، لن تفلت بدرهم يا محتال.
نهض الرجل بغتة وغادر المكان وكأنما يفر فرارا.
18
تلاشى الأمان من دنياه .. وانطفأ سراج الأمل .. إنه زوج قمر ولكنها أبعد عنه من النجوم، وهو غني ولكن الموت يتهدده، وهو أدرى الناس بالتعاون الخفي بين العطار والبزاز من ناحية ويوسف الطاهر الحاكم وحسام الفقي كاتم السر من ناحية أخرى .. وفتوحة رابضة في الدار متلهفة على عودته لتغرز أنيابها في عنقه .. ما أضيق الدنيا! .. وهام على وجهه .. غفا ساعات فوق سلم السبيل .. انزوى في أقصى الحي النهار كله .. لا شك في أن أعداءه استرضوا الأحدب وهم عاكفون الآن على تدبير الانتقام منه .. وفي المساء وجد نفسه الهائمة في ميدان الرماية، وفجأة جذب بصره ضوء مشاعل وضوضاء غير مألوفة.
19
صفحة غير معروفة