الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
الناشر
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
سنة النشر
1315 هـ
يوما وأنا أستحي من الله عز وجل أن يقع لي خاطرك ولو أقسمت على الله تعالى أن يجعل لي هذا الشجر ذهبا لفعل فكان ذلك تنبيها لي رضي الله تعالى عنه.
ومنهم أبو نعيم الأصفهاني
رضي الله تعالى عنه
صاحب الحلية والطبقات وغيرهما. ولد رضي الله عنه سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وتوفي بأصفهان سنة ثلاثين وأربعمائة عن أربع وتسعين سنة أخرجه أهل أصفهان ومنعوه من الجلوس في الجامع فتولى على أصفهان السلطان محمود بن سكبتين وولى عليهم واليا من قبله ورحل عنها فوثب أهل أصفهان وقتلوه فرجع محمود إليها وأمنهم حتى اطمأنوا ثم قتلهم حتى أتى على أكثر من نصفهم وكانوا يعدون ذلك من كرامات أبي نعيم رضي الله عنه وأملى كتابه الحلية من صدره بعد أن نيف على الثمانين سنة.
فصل في ذكر جماعة من عباد النساء رضي الله عنهن
منهن معاذة العدوية
رضي الله عنها ورحمها
كانت إذا جاء النهار قالت هذا يومي الذي أموت فيه فما تنام حتى تمسي وإذا جاء الليل قالت هذه ليلتي التي أموت فيها فلا تنام حتى تصبح وكانت إذا غلبها النوم قامت فجالت في الدار وهي تقول يا نفس، النوم أمامك ثم لا تزاد تدور في الدار إلى الصباح تخاف الموت على غفلة ونوم وكانت تصلي في اليوم والليلة ستمائة ركعة ولم ترفع بصرها إلى السماء أربعين عاما ولما مات زوجها لم تتوسد فراشا حتى ماتت، أدركت معاذة رضي الله عنها عائشة رضي الله عنها وروت عنها.
ومنهن رابعة العدوية
رضي الله تعالى عنه
كانت رضي الله عنها كثيرة البكاء والحزن وكانت إذا سمعت ذكر النار غشي عليها زمانا. وكانت تقول: استغفارنا يحتاج إلى استغفار وكانت ترد ما أعطاه الناس لها وتقول: مالي حاجة بالدنيا، وكانت بعد أن بلغت ثمانين سنة كأنها شن بال تكاد تسقط إذا مشت، وكان كفنها لم يزل موضوعا أمامها، وكان بموضع سجودها وكان موضع سجودها كهيئة الماء المستنقع من دموعها.
وسمعت رضي الله عنها سفيان يقول: واحزناه فقالت له: واقلة حزناه ولو كنت حزينا ما هناك العيش، ومناقبها كثيرة رضي الله تعالى عنها ومشهورة.
ومنهن ماجدة القرشية
رضي الله تعالى عنها
كانت رضي الله عنها تقول: ما حركة تسمع ولا قدم يوضع إلا ظننت أني أموت في أثرها وكانت رضي الله عنها تقول: يا لها من عقول ما أنقصها سكان دار أوذنوا بالنقلة وهم حيارى يركضون في المهلة كأن المراد غيرهم والتأذين ليس لهم ولا عني بالأمر سواهم وكانت رضي الله عنها تقول لم ينل المطيعون ما نالوا من حلول الجنان ورضا الرحمن إلا بتعب الأبدان.
ومنهن السيدة عائشة بنت جعفر الصادق
رحمها الله
المدفونة بباب قرافة مصر رضي الله عنها: كانت رضي الله عنها تقول: وعزتك وجلالك لئن أدخلتني النار لآخذن توحيدي بيدي وأدور به على أهل النار وأقول لهم وحدته فعذبني.
توفيت سنة خمس وأربعين ومائة رضي الله عنها.
ومنهن امرأة رباح القيسي
رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها تقوم الليل كله وكانت إذا مضى الربع تقول له قم يا رباح للصلاة فلا يقوم فتقوم، ثم تأتيه وتقول له قم يا رباح فلم يقم فتقوم الربع الآخر، ثم تأتيه وتقول: قم يا رباح فلا يقوم فتقوم الربع الآخر إلى تمام الليل ثم تأتيه وتقول قم يا رباح قد مضى عسكر الليل وأنت نائم، فليت شعري من غرني بك يا رباح ما أنت إلا جبار عنيد.
وكانت رضي الله عنها تأخذ تبنة من الأرض وتقول والله للدنيا أهون علي من هذه وكانت إذا صلت العشاء تطيبت ولبست ثيابها ثم تقول لزوجها: ألك حاجة فإن قال لا نزعت ثياب زينتها وصلت إلى الفجر رضي الله عنها.
ومنهن فاطمة النيسابورية
رضي الله تعالى عنها
كان ذو النون المصري رضي الله عنه يقول: فاطمة أستاذتي وكانت رضي الله عنها تقول من لم يراقب الله تعالى في كل حال فإنه ينحدر في كل ميدان ويتكلم بكل لسان ومن راقب الله تعالى في كل حال أخرسه إلا عن الصدق وألزمه الحياء منه، والإخلاص له وكانت تقول: من عمل لله على مشاهدة الله إياه فهو مخلص وكان أبو يزيد يقول: عنها ما رأيت امرأة مثل فاطمة ما أخبرتها عن مقام من المقامات إلا الخبر كان لها عيانا.
ماتت في طريق العمرة بمكة سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
ومنهن رابعة بنت إسماعيل
صفحة ٥٦