الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
الناشر
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
سنة النشر
1315 هـ
تعالى يقول: يا من طلب مني خذ، ويا من طلبني قف، وكان يقول: من مزج لك كأسا من التذكرة بذرة من بشريته فقد آذاك وكان يقول: لو خير العارف بين مائة ألف خصوصية لو كشف حجاب لا اختار أن يكشف له ذرة من حجاب.
وكان يقول: الحال ما جذبك إلى حضرته، والعلم ما ردك إلى خدمته، وكان يقول: لولا ضيق المجاري كنت ترى الرز جاري، وكان يقول: ما منعك من شم نسيم القرب إلا زكامك، ولا حجبك عن شهود النور إلا ظلامك، وكان يقول: من تزايد له حب في محبوبه بسبب جديد فهو في دعوى نهاية المحبة بعيد، وكان يقول: الحالة التي لا اعتراض عليها من ظاهر، ولا باطن جمع لا شطح فيه، وفرق لا شرك فيه، وكان يقول: من أبدى من أسرار الله تعالى ما لا يليق إبداؤه وأفشى من العلم المكنون ما لا يناسب إفشاؤه عوقب بسوء الظنون فيه، أو بما هو فوق ذلك من العقوبات، وكان يقول: لو زال منك أنا للاح لك من أنا، وكان يقول: لا ينال الشيطان من آدمي نيلا إلا إن نزل إلى أرض شهوته، وكان يقول: إنما نفر العباد من الخلق لجهلهم بأسرار الله فيهم، ولو عرفوا أسرار الله فيهم لأنسوا بهم كما أنس بهم العارفون.
وكان يقول: كلما دق الكشف الغيبي، وخفي كان أعلى، وكان يقول: كل دليل تستدل به على معرفة الله تعالى، فأنت أظهر منه، وكان يقول: ما عمل العارفون في هذه الدار على حال ولا مقام وإنما عملوا على تحقيق انحيازهم إلى الله تعالى وأن الكل في طي ذلك، وكان يقول: كل ما كان من الموجودات بعيدا عن شهود الاختيار في أفعاله طال بقاؤه كالسماء، والأرض، والجبال، والبحار، وكل ما كان قريبا من شهود اختياره قصر بقاؤه كالآدمي، والحيوان تذكرة لأولي الألباب، وكان يقول: سوابق العناية قبل نواطق الهداية، وكان يقول: أنت في الدنيا غير قار فيها، والآخرة لم تصل بعد إليها، فلم يبق إلا رجوعك إلى القريب المجيب، وكان يقول: ما أكرم الله عز وجل عبدا بمثل نور أهبطه على قلبه، وكان يقول: إذا تكلم العارف بكلمة غاب فيها وجود المستمع، وذلك لأن الكلام ذكر، والسماع أنثى، والرجال قوامون على النساء، وكان رضي الله عنه يقول: لو تنفس عارف في بلدة ثبت إيمان كل عبد فيها، وكان يقول: أمام كل وصول غيبي عارض شهواني وكان يقول: كل عارف لا يميت وجوده أمام مريده لا يصل مريده إلى الله تعالى، وكان يقول: لا يصل إلى حضرات الأنوار إلا الخالص من الأسرار، وكان يقول: ما نظر مريد لعارف بعين توقير، ووداد إلا كان سالكا سبيل حق، ورشاد، وكان رضي الله عنه يقول: لا يباح التوحيد بالفهم إلا في محل التكليف خاصة وكان يقول: من تواجد بالفهم في موطن لم يصل إليه زل به قدمه عما كان فيه إلى أسفل منه وإنما يباح ذلك لمأذون له أو لمن هو تحت إشارة عارف، وكان يقول: الواردات الربانية لا تصل إلى الفهوم، وما وصل إلى الفهوم إنما هو من رشاش مائها، ومن شعاع ضيائها، وكان يقول: لا يلوح لك نور حقائق الإيمان حتى تخرج عن عامة الأكوان.
وكان يقول: من علامة العلم الحقيقي، إذا ورد على القلب أن تذهب الأمثال، والصور، وإن كانت الأمثال الظنية سببا لأخذ الحقائق الأصلية، وكان يقول: إنما خلق فيك ما خلق لتعرف به الأكوان لا المكنون، فإنه لا يعرف الكون إلا به تعالى، وكان يقول: مواد الحكمة منطوية في القوة الإنسانية، وإنما يفضل الحكيم على غيره باستخراجها من قوته إلى فعله وكان يقول: الآدمي لا تقع عليه الإشارة لأنه نسبة تاهت في أنوار الفناء، وكان يقول: إن كان لك في الوصول نية فلا تبقى منك بقية وكان يقول: ابن آدم ذو وجودات مطوية، فتبصروا في خلالها فعسى يلوح لكم شيء من جمالها وكان يقول: لا يظهر جواهر الإيمان إلا وجود الامتحان وكان يقول: نيل الشهوات في الحياة الدنيا عذاب معجل مستور، وكان يقول: الحقائق كلما بدت بوصفها خفاء في ظهور وظهور في خفاء ومددها من الواو في قوله: " هو الأول والآخر والظاهر " " الحديد: 3 " وكان يقول: ما ورد وارد عال، وله نهية قط " وكان يقول: المحققون قسمان مأذون له في الدلالة، والإفصاح، وغير مأذون له في ذلك، وكان يقول: أمتعة الدنيا فيها لطف وبركة لأنها بساط لعطاء لا ينقطع، وفضل لا ينحصر وإطلاق في عوالم البقاء، والفسيح الأعلى، وكان يقول: إذا مرت بك سحابة حقيقية غيبية فقف تحتها فهي إما أن تظلك، وإما أن تبلك، وكان يقول: من علامة عدم حرية الرجل نقله قدمه حيث قاده هواه وكان يقول: اثبت على حسن قصدك لتحقق حصول مقصودك، وكان يقول: من دليل استقامة المؤمن شوقه لما ليس فيه هوى نفسه، وخوفه، ورجاؤه مما لا يلائم نفسه، وكان يقول: من عصر
صفحة ١٦٥